45

Daf’ Ihām al-Idtirāb ‘an Āyāt al-Kitāb

دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية

Publisher

مكتبة ابن تيمية - القاهرة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م

Publisher Location

توزيع

Genres

إِلَى حُضُورِ الْمَوْتِ لِوُجُوبِ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ تَعَالَى أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ تَوْبَتِهِمْ فِي وَقْتِ نَفْعِهَا وَنَقَلَ ابْنُ جَرِيرٍ هَذَا الْوَجْهَ الثَّانِي الَّذِي هُوَ التَّقْيِيدُ بِحُضُورِ الْمَوْتِ عَنِ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ وَالسُّدِّيِّ. الثَّالِثُ: أَنَّ مَعْنَى لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ أَيْ إِيمَانُهُمُ الْأَوَّلُ، لِبُطْلَانِهِ بِالرِّدَّةِ بَعْدَهُ، وَنَقْلٌ خَرَّجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ هَذَا الْقَوْلَ عَنِ ابْنِ جَرِيحٍ وَلَا يَخْفَى ضِعْفُ هَذَا الْقَوْلِ وَبُعْدُهُ عَنْ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ. الرَّابِعُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ أَنَّهُمْ لَمْ يُوَفَّقُوا لِلتَّوْبَةِ النَّصُوحِ حَتَّى تُقْبَلَ مِنْهُمْ، وَيَدُلَّ لِهَذَا الْوَجْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا [٤ \ ١٣٧] . فَإِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَدَمَ غُفْرَانِهِ لَهُمْ لِعَدَمِ تَوْفِيقِهِمْ لِلتَّوْبَةِ وَالْهُدَى. كَقَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ [٤ \ ١٦٨] . وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ الْآيَةَ [١٠ \ ٩٦] . وَنَظِيرُ الْآيَةِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ [٧٤ \ ٤٨]، أَيْ لَا شَفَاعَةَ لَهُمْ أَصْلًا حَتَّى تَنْفَعَهُمْ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ الْآيَةَ [٢٣ \ ١١٧] . لِأَنَّ الْإِلَهَ الْآخَرَ لَا يُمْكِنُ وُجُودُهُ أَصْلًا، حَتَّى يَقُومَ عَلَيْهِ بُرْهَانٌ أَوْ لَا يَقُومَ عَلَيْهِ. قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ: مِثْلُ هَذَا الْوَجْهِ الْأَخِيرِ هُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ النُّظَّارِ، بِقَوْلِهِمُ السَّالِبَةُ لَا تَقْضِي بِوُجُودِ الْمَوْضُوعِ، وَإِيضَاحُهُ أَنَّ الْقَضِيَّةَ السَّالِبَةَ عِنْدَهُمْ صَادِقَةٌ فِي صُورَتَيْنِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا عَدَمُ اتِّصَافِ الْمَوْضُوعِ بِالْمَحْمُولِ وَعَدَمُ اتِّصَافِهِ بِهِ يَتَحَقَّقُ فِي صُورَتَيْنِ: الْأُولَى: أَنْ يَكُونَ الْمَوْضُوعُ مَوْجُودًا إِلَّا أَنَّ الْمَحْمُولَ مُنْتَفٍ عَنْهُ، كَقَوْلِكَ: لَيْسَ الْإِنْسَانُ بِحَجَرٍ، فَالْإِنْسَانُ مَوْجُودٌ وَالْحَجَرِيَّةُ مُنْتَفِيَةٌ عَنْهُ.

1 / 47