24

Daf’ Ihām al-Idtirāb ‘an Āyāt al-Kitāb

دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية

Publisher

مكتبة ابن تيمية - القاهرة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م

Publisher Location

توزيع

Genres

وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ خَرَجَ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَقَالَ: هَكَذَا نُبْعَثُ، هَذَا مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّ رُوحَهُ الْكَرِيمَةَ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ مَعَ أَرْوَاحِ الْأَنْبِيَاءِ. وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ رَأَى مُوسَى يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَرَآهُ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ أَوِ السَّابِعَةِ، فَالرُّوحُ كَانَتْ هُنَاكَ وَلَهَا اتِّصَالٌ بِالْبَدَنِ فِي الْقَبْرِ وَإِشْرَافٌ عَلَيْهِ، وَتَعَلُّقٌ بِهِ بِحَيْثُ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ وَيَرُدُّ سَلَامَ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ، وَهِيَ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى وَلَا تَنَافِي بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ فَإِنَّ شَأْنَ الْأَرْوَاحِ غَيْرَ شَأْنِ الْأَبْدَانِ. انْتَهَى مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْقَيِّمِ بِلَفْظِهِ. وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَيَاةَ الْمَذْكُورَةَ غَيْرُ مَعْلُومَةِ الْحَقِيقَةَ لِأَهْلِ الدُّنْيَا، قَالَ تَعَالَى: بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ. هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تَدُلُّ بِظَاهِرِهَا عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ لَا عُقُولَ لَهُمْ أَصْلًا، لِأَنَّ قَوْلَهُ: «شَيْئًا» نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ، فَهِيَ تَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ، وَقَدْ جَاءَتْ آيَاتٌ أُخَرُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ لَهُمْ عُقُولٌ يَعْقِلُونَ بِهَا فِي الدُّنْيَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ [٢٩ ٣٨] . وَالْجَوَابُ أَنَّهُمْ يَعْقِلُونَ أُمُورَ الدُّنْيَا دُونَ أُمُورِ الْآخِرَةِ، كَمَا بَيَّنَهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ [٣٠ ٦ - ٧] . قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ الْآيَةَ. هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ بِظَاهِرِهَا عَلَى أَنَّ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الدَّمِ حَرَامٌ، وَمَثَلُهَا قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ «النَّحْلِ»: إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ الْآيَةَ [١٦ ١١٥] .وقوله في سورة المائدة: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ﴾ الآية وَقَدْ ذَكَرَ فِي آيَةٍ أُخْرَى مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدَّمَ لَا يَحْرُمُ إِلَّا إِذَا كَانَ مَسْفُوحًا،

1 / 26