فاجتهدوا رحمكم الله واستغفروا، وقوموا لله بما أمركم الله به ولا تقصروا، ولا تركنوا إلى الخفض(1) في الدنيا فتهلكوا، وجدوا في جهاد أئمة الظلم تسعدوا، {إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير}[الأنفال: 73]، فإنهم إخوان من مضى من إخوانهم في ارتكاب الردى، والجري في ميادين الهوى، والصد عن أبواب الهدى، أهل الفسق والبغي، حزب الشيطان، أهل الجرأة على الله بالمخالفة والعصيان.
واعلموا رحمكم الله أن حكم الله فيهم وفيمن كان قبلهم واحد، وسنته في الفسقة الأولين؛ كسنته في الظلمة الآخرين، وفي ذلك ما يقول رب العالمين: {سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا}[الفتح: 23]، وقال سبحانه: {سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدرا مقدورا}[الأحزاب: 38].
ألستم ترون رحمكم الله إلى أبواب النصر قد فتحت، وعلامات ما تأملون من دولة آل رسول الله قد أقبلت، ودلالات ملكهم قد شرعت، وأسباب ما وعد الله نبيه صلى الله عليه وعلى آله قد ثبتت، وعلامات هلاك عدوهم قد وضحت وبوادر الرحمة قد أقبلت، وإياكم قد أجنت وأظلت، ولكم بالنصر والتوفيق قد قصدت؟ فأقبلوا إليها ولا تدبروا، وتلقوها بقبولها قبل أن تندموا.
Page 636