وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله برسالته، وانتجبه لأمانته، فبعثه في طامية طخياء، ودياجيج(1) ظلمة عمياء، وأوائل فتنة دهماء(2)، ودروس من الصالحات، وظهور من المنكرات، فدعا إلى ربه، وأظهر ما أمر ربه، وفتح فينق(3) الفسق، وأظهر دعوة الصدق، وأعلن كلمة الحق، وأرغم أنف الشيطان، وأدحض عبادة الأوثان، وأخلص التعبد للرحمن، ونهى عن الظلم والعصيان، وأمر بالتواصل والإحسان، وأماط أفعال الجاهلية، ونفا عنهم ظلمة الحمية والعصبية، وبسط لأمته كنفي الرحمة الواسعة، وأكمل الله به على البرية النعمة السابغة، فمضى عليه السلام في أمر الله قدما، وجرد في أمر الله سبحانه مصمما، حتى أثبت له على عباده الحجة، بالتبيين لهم جميع ما افترض عليهم، والإعذار في ذلك والإنذار، والتوقيف لهم على معالم دينهم، وجهاد من عند عن سيرته منهم، حتى إذا اعتدل عمود الدين، وتعلق به جميع المسلمين، وسطع نوره، ووضحت وشرعت أموره، ، وتقشع عن الحق الثبج، وكملت به وبرسوله الحجج؛ اختار الله لنبيه صلى الله عليه دار النعيم والسرور، ونقله من دار التعب والنصب والغرور، فقبضه الله سبحانه سعيدا، قد بين للأمة ماله خلقوا، وأوضح لهم ما إليه دعوا، وأوقفهم على ما به أمروا.
Page 611