Daci Sama
داعي السماء: بلال بن رباح «مؤذن الرسول»
Genres
فالعقائد الكبرى قد تتكلم بلسان الفضائل المثالية في نشأتها الأولى، وقد ينشدها المؤمنون بها حبا للمثال الأعلى وطموحا إلى الكمال، ولكنها لا تلبث بعد ذلك أن توزن بالميزان وتشخص للعيان.
نشأة بلال
اتفقت الأقوال على أن بلالا كان من أبناء الحبشة المولدين، وجاء في وصفه أنه رضي الله عنه كان «آدم شديد الأدمة نحيفا طوالا أجنأ - أي فيه انحناء - كثير الشعر خفيف العارضين».
وهي أوصاف تعهد في سلالة المولدين من السود والساميين، وقد كانوا كثيرين بين الحبشة واليمن من قديم الزمن، فليست أوصافه المتفق عليها أوصاف الزنج ولا أوصاف أبناء سام، وسواده وكثرة شعر رأسه مع خلوصه من فطس الأنف وتقبض الشعر تدل على أنه مولد من السلالتين. وقد زعم بعضهم أنه كان ينطق السين شينا على عادة السود، فنفى الثقات هذا الزعم وأكد نفيهم أنه كان يقيم الأذان وفيه السين والصاد.
ويختلف في مولده فيقال: إنه ولد في مكة ويقال: إنه ولد في السراة، وربما رجح القول الأخير؛ لأن السراة أقرب إلى اليمن والحبشة، ولأن بلالا رضي الله عنه رجع إليها حين فكر في الزواج.
وأرجح الأقوال في سنة مولده أنه ولد قبل الهجرة بنحو ثلاث وأربعين سنة، ثم تختلف الأقوال حتى يبلغ التفاوت بينها زهاء عشر سنين.
وأبوه وأمه معروفان: أبوه يدعى رباحا وأمه تدعى حمامة، وكان ينبز بابن السوداء إذا غضب منه غاضب، ولعل أمه كانت من إماء السراة أو إماء مكة، إذا صح أنه لم يولد بالسراة.
ويحسب بعض الإفرنج الذين كتبوا عنه أنه تلقى من أمه كلمات التوحيد، كما كان يفهمه المتدينون والمتدينات بالمسيحية من أبناء الحبشة، وأنه من ثم أسرع إلى تلبية الدعوة المحمدية حين جهر النبي عليه السلام برسالة التوحيد، وهو حسبان جائز ولكنه بعيد؛ لأن الأحباش في ذلك الزمن إنما كانوا يفهمون المسيحية على نحو أقرب إلى الوثنية، ولا يرحبون برسالة التوحيد المحمدية ذلك الترحيب.
ويذكر لبلال أخ يسمى خالدا ويكنى بأبي رويحة، والأغلب في الروايات المختلفة أنه كان أخاه في الإسلام على سنة المؤاخاة بين الصحابة التي سنها عليه السلام، وقيل: إن له أختا تسمى غفرة هي مولاة عمر بن عبد الله مولى غفرة المحدث المصري، ولا خبر عنها غير ذلك فيما روي من أخباره.
وكانت نشأة بلال بمكة في بني جمح من بطون قريش المشهورة.
Unknown page