ذِكْرُ نَوْعٍ مِنَ التَّفَكُّرِ فِي عَظَمَةِ اللَّهِ ﷿، وَوَحْدَانِيَّتِهِ، وَحُكْمِهِ، وَتَدْبِيرِهِ، وَسُلْطَانِهِ قَالَ اللَّهُ ﷿ ﴿وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ [الذاريات: ٢١] فَإِذَا تَفَكَّرَ الْعَبْدُ فِيِ ذَلِكَ اسْتَنَارَتْ لَهُ آيَاتُ الرُّبُوبِيَّةِ، وَسَطَعَتْ لَهُ أَنْوَارُ الْيَقِينِ، وَاضْمَحَلَّتْ عَنْهُ غَمَرَاتُ الشَّكِّ، وَظُلْمَةُ الرَّيْبِ، وَذَلِكَ إِذَا نَظَرَ إِلَى نَفْسِهِ وَجَدَهَا مُكَوَّنَةً مَكْنُونَةً مَجْمُوعَةً مُؤَلَّفَةً مَجْزَأَةً مُنَضَّدَةً مُصَوَّرَةً مُتَرَكِّبَةً بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ، فَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ مُدَبَّرٌ إِلَّا بِمُدَبِّرٍ، وَلَا مُكَوَّنٌ إِلَّا بِمُكَوِّنٍ، وَتَجِدُ تَدْبِيرَ الْمُدِبِّرِ فِيهِ شَاهِدًا دَالًّا عَلَيْهِ كَمَا تَنْظُرُ إِلَى حِيطَانِ الْبِنَاءِ، وَتَقْدِيرِهَا "، وَإِلَى السَّقْفِ الْمُسَقَّفِ فَوْقَهُ بِجُذُوعِهِ، وَعَوَارِضِهِ، وَتَطْيِينِ ظَهْرِهِ، وَنَصْبِ بَابِهِ، وَإِحْكَامِ غَلْقِهِ، وَمِفْتَاحِهِ لِلْحَاجَةِ إِلَيْهِ. فَكُلُّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى بَانِيهِ، وَيَشْهَدُ لَهُ، فَكَذَلِكَ هَذَا الْجِسْمُ إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ، وَتَفَكَّرْتَ
1 / 271