al-ʿuzlt wa-l-infirad

Ibn Abi al-Dunya d. 281 AH
50

al-ʿuzlt wa-l-infirad

العزلة والانفراد

Investigator

مسعد عبد الحميد محمد السعدني

Publisher

مكتبة الفرقان

Publisher Location

القاهرة

١١٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْعُكْلِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: قِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَنْزِلَ الْمَدِينَةَ؟ قَالَ: إِنَّ النَّاسَ بِهَا الْيَوْمَ بَيْنَ حَاسِدٍ لِنِعْمَةٍ، وَفَارِحٍ بِنَكْبَةٍ (١) .

(١) أخرجه الخطابي في " العزلة " (ص٨٠)، من طريق سفيان، وهو: ابن عيينة به.

مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ ١٢٠ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي حَاتِمٍ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ النُّعْمَانِ الرَّازِيُّ، قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ ذَاتَ يَوْمٍ: " يَا أَهْلَ الشَّامِ! تَعْجَبُونَ مِنِّي؟ وَإِنَّمَا الْعَجَبُ مِنَ الرَّجُلِ الإِسْكَنْدَرَانِيِّ، فَإِنِّي طَلَبْتُهُ فِي جِبَالِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ حَتَّى وَقَعْتُ عَلَيْهِ بَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ وَهُوَ يُصَلِّي كَأَنَّهُ مَدْهُوشٌ، ثُمَّ حَانَتْ مِنْهُ الْتِفَاتَةٌ إِلَيَّ، فَقَالَ لِي: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: أَعْرَابِيٌّ، قَالَ: هَلْ عِنْدَكَ شَيْءٌ تُحَدِّثُنَا عَنْهُ؟ قَالَ: فَحَدَّثْتُهُ بِخَمْسَةِ أَحْرُفٍ، فَغُشِيَ عَلَيْهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَ: خُذْ أَنْتَ هَهُنَا حَتَّى آخُذَ أَنَا هَهُنَا. فَطَلَبْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ.
١٢١ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي عَمَّارُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ مَعْنٍ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: لَمْ أَرَ مِثْلَ قَوْمٍ رَأَيْتُهُمْ هَجَمْنَا مَرَّةً عَلَى نَفَرٍ مِنَ الْعِبَادِ فِي بَعْضِ سَوَاحِلِ الْبَحْرِ، فَتَفَرَّقُوا حِينَ رَأَوْنَا، فَبِتْنَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَأَرْفَأْنَا فِي تِلْكَ الْجَزِيرَةِ، فَمَا كُنْتُ أَسْمَعُ عَامَّةَ اللَّيْلِ إِلا الصُّرَاخَ وَالتَّعَوُّذَ مِنَ النَّارِ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا طَلَبْنَاهُمْ، وَاتَّبَعْنَا آثَارَهُمْ، فَلَمْ نَرَ مِنْهُمْ أَحَدًا. ١٢٢ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنِي عَمَّارُ بْنُ عُثْمَانَ الْحَلَبِيُّ، حَدَّثَنِي الْحُصَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ الْوَرَّاقُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ: خَرَجْتُ إِلَى الشَّامِ فِي طَلَبِ الْعِبَادِ، فَجَعَلْتُ أَجِدُ الرَّجُلَ بَعْدَ الرَّجُلِ شَدِيدَ الاجْتِهَادِ، حَتَّى قَالَ لِي رَجُلٌ ⦗٥٦⦘: قَدْ كَانَ هَهُنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ النَّحْوِ الَّذِي تُرِيدُ، وَلَكِنَّا فَقَدْنَا مِنْ عَقْلِهِ، فَلا نَدْرِي يُرِيدُ أَنْ يَحْتَجِزَ مِنَ النَّاسِ بِذَلِكَ، أَمْ هُوَ شَيْءٌ أَصَابَهُ؟ قُلْتُ: وَمَا أَنكَرْتُمْ مِنْهُ؟ قَالَ: إِذَا كَلَّمَهُ أَحَدُنَا، قَالَ: الْوَلِيدُ وَعَاتِكَةُ، لا يَزِيدُ عَلَيْهِ، قَالَ: قُلْتُ: فَكَيْفَ لِي بِهِ؟ قَالَ: هَذِهِ مَدْرَجَتُهُ، فَانْتَظَرْتُهُ، فَإِذَا بِرَجُلٍ وَالِهٍ، كَرِيهِ الْوَجْهِ، كَرِيهِ الْمَنْظَرِ، وَافِرِ الشَّعْرِ، مُتَغَيِّرِ اللَّوْنِ، وَإِذَا الصِّبْيَانُ حَوْلَهُ وَخَلْفَهُ، وَهُوَ سَاكِتٌ يَمْشِي وَهُمْ خَلْفَهُ سُكُوتٌ يَمْشُونَ، عَلَيْهِ أَطْمَارٌ لَهُ دَنِسَةٌ، قَالَ: فَتَقَدَّمْتُ إِلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ، فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلامَ، فَقُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُكَلِّمَكَ، فَقَالَ: الْوَلِيدُ وَعَاتِكَةُ، قُلْتُ: قَدْ أُخْبِرْتُ بِقِصَّتِكَ، فَقَالَ: الْوَلِيدُ وَعَاتِكَةُ، قُلْتُ: أُخْبِرْتُ بِقِصَّتِكَ، قَالَ: الْوَلِيدُ وَعَاتِكَةُ، قُلْتُ: أُخْبِرْتُ بِقِصَّتِكَ، قَالَ: الْوَلِيدُ وَعَاتِكَةُ. ثُمَّ مَضَى حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ، وَرَجَعَ الصِّبْيَانُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ يَتْبَعُونَهُ، قَالَ: فَاعْتَزَلَ إِلَى سَارِيَةٍ فَرَكَعَ، فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَقُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ، رَجُلٌ غَرِيبٌ يُرِيدُ أَنْ يُكَلِّمَكَ وَيَسْأَلَكَ عَنْ شَيْءٍ، فَإِنْ شِئْتَ فَأَطِلْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَقْصِرْ، وَلَسْتُ بِبَارِحٍ حَتَّى تُكَلِّمَنِي، قَالَ: وَهُوَ فِي سُجُودِهِ يَدْعُو وَيَتَضَرَّعُ، قَالَ: فَفَهِمْتُ عَنْهُ وَهُوَ يَقُولُ وَهُوَ سَاجِدٌ: سَتْرَكَ سَتْرَكَ، قَالَ: فَأَطَالَ السُّجُودَ حَتَّى سَئِمْتُ، قَالَ: فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَلَمْ أَسْمَعْ لَهُ نَفَسًا، وَلا حَرَكَةً، قَالَ: فَحَرَّكْتُهُ، فَإِذَا هُوَ مَيِّتٌ، كَأَنَّهُ قَدْ مَاتَ مِنْ دَهْرٍ طَوِيلٍ. قَالَ: فَخَرَجْتُ إِلَى صَاحِبِي الَّذِي دَلَّنِي عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: تَعَالَ فَانْظُرْ إِلَى الَّذِي زَعَمْتَ أَنَّكَ أَنْكَرْتَ مِنْ عَقْلِهِ، قَالَ: فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ قِصَّتَهُ: فَهَيَّأْنَاهُ وَدَفَنَّاهُ (١) .

(١) أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (٣٧/٢٢٠ - ٢٢١/ط. دار الفكر)، من طريق ابن أبي الدنيا، به.

1 / 55