278

Cuyun Tafasir

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

Genres

أي إن شككتم في قول الآخرين اللذين من غير أهل دينكم بأن غلب في ظنكم خيانتهما فحلفوهما جواب الشرط، والشرط مع جوابه اعتراض بين «يقسمان» وجوابه، وهو (لا نشتري به) أي بالله أو بالقسم أو تحريف الشهادة (ثمنا) شيئا ذا ثمن من حطام الدنيا (ولو كان) المشهود له (ذا قربى) أي صاحب قرابة، يعني لا نستبدل بعهد الله ثمنا بأن نبيعه بعرض الدنيا ولو كان ذا قربى، وخص بالذكر لميل الناس إلى قراباتهم، وعطف على «لا نشتري» (ولا نكتم شهادة الله) إن سئلنا عنها بالإضافة إليه تعالى «1» لأمره باقامتها والنهي عن كتمانها (إنا إذا لمن الآثمين) [106] أي إنا إذا كتمنا الشهادة لله لكنا من الفاجرين لو حلفنا كاذبين، فاستحلفهما النبي عليه السلام على المنبر بعد صلوة العصر بالذي لا إله إلا هو، أنهما لم يختانا شيئا مما دفع إليهما فحلفا فخلي سبيلهما.

[سورة المائدة (5): آية 107]

فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين (107)

ثم ظهر أنهما باعا الإناء في السوق، وقالا: إنا كنا اشترينا منه فاختصموا إلى رسول اله فنزل «2» (فإن عثر) أي أطلع (على أنهما) أي أن الوصيين النصرانيين (استحقا إثما) أي خيانة بسرقة الإناء وكذبهما في الحلف (فآخران) أي فالشاهدان الآخران «3» من أولياء الميت (يقومان مقامهما) أي مقام الوصيين الخائنين (من الذين استحق) بصيغة المجهول، والفاعل فيه الضمير الراجع إلى الإثم وهو صفة «آخران»، أي آخران كائنان من القوم الذين استحق بمعنى جني (عليهم) الإثم وهو الخيانة من النصرانيين وهم ورثة الميت وإنما أضيف إليهم الإثم، لأن أهل الميت صاروا سببا لاستحقاق الوصيين الإثم، فأسند إليهم مجازا ليكون بيانا لكونهم مجنيا «4» عليهم باثم الوصيين، قوله (الأوليان) بدل من الضمير في «يقومان» أو خبر مبتدأ محذوف، أي هما الأحقان «5» بالشهادة عليه لقرابتهما ومعرفتهما بحال «6» الميت أو القائم مقام الفاعل «الأوليان» بتقدير إثم الأوليين «7»، وقرئ بصيغة المعلوم «8» والفاعل «الأوليان»، والمفعول محذوف، أي من الذين استحق عليهم الأوليان من بينهم بالميت ووصيته «9» التي أوصى بها إلى غير أهل دينه أو استحق الأوليان «10» بالشهادة من بين الورثة أن يجردوهما للقيام بالشهادة ليظهر بها كذب الكذابين، وهو تثنية أولى بمعنى أحق، وقرئ «الأولين» «11»، جمع أول، ومعنى الأولية التقدم على الأجانب في الشهادة لكونهم أحق بها، وهو مجرور بالياء على أنه صفة «الذين» في «من الذين استحق (فيقسمان) أي يحلفان (بالله لشهادتنا) أي ليميننا (أحق) أي أولى (من شهادتهما) أي من يمين الكافرين، يعني إذا ظهر خيانة الحالفين يقوم اثنان آخران من قرابة الميت فيحلفان بالله أن المتاع متاع صاحبنا ويميننا أحق من يمينهما، لأنا مسلمون وهما كافران خائنان (وما اعتدينا) أي ما جاوزنا الحد في الشهادة والقول بأن شهادتنا أحق من شهادتهما، والمراد بالشهادة هنا اليمين، ووجهه أن اليمين كالشهادة على ما يحلف عليه أنه كذلك، وقد يقول القائل أشهد بالله بمعنى أقسم بالله ويقولان (إنا إذا لمن الظالمين) [107] أي إن حلفنا كاذبين لكنا من الظالمين.

Page 297