Cuyun Tafasir
عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي
Genres
على «إطعام»، فيعطي لكل مسكين ثواب واحد وهو سراويل أو قميص «1» أو وقاية (أو تحرير رقبة) عطف على «إطعام»، أي عتق رقبة عبد أو أمة مؤمنة أو كافرة خلافا للشافعي، فانه شرط الإيمان في عتق الرقبة قياسا على كفارة القتل، فالحانث مخير بين الإطعام والكسوة والتحرير إن وجد ما يفضل «2» عن قوته وقوت عياله، ف «أو» للتخيير وإيجاب إحدى الكفارات الثلث على الإطلاق (فمن لم يجد) ذلك (فصيام) أي فعليه صوم (ثلاثة أيام ) متتابعات عند أبي حنيفة، والتتابع أفضل عند الشافعي لا الواجب، ولا يجب التكفير إلا بعد الحنث عند أبي حنيفة، وجوزه الشافعي قبل الحنث إلا كفارة الصوم لأنه بدني (ذلك) أي المذكور (كفارة أيمانكم إذا حلفتم) وحنثتم، والعامل في «إذا» «كفارة»، إذ التكفير إنما يكون وقت الحلف والحنث (واحفظوا أيمانكم) عن النكث فيما يكون الحنث فيه معصية للحانث (كذلك) أي مثل ذلك البيان (يبين الله لكم آياته) أي أحكام شرعه وعلائمه من الأمر والنهي (لعلكم تشكرون) [89] رب هذه النعمة العظيمة حيث جعل لكم مخرجا من أيمانكم بالكفارة، ولما كان الإقدام على الإيمان ونكثها ومخالفة الشريعة بتسويل الشيطان ووسوسته بين طرقه ليحترز المؤمنون عن الشروع فيها.
[سورة المائدة (5): آية 90]
يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون (90)
قال (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر) أي تناولها (والميسر والأنصاب) جمع نصب بفتح النون والصاد، وهي حجارة تصب «3» عليها الدماء أو جمع نصب بضم النون وفتحها وسكون الصاد، وهي الأوثان التي نصبوها للعبادة (والأزلام) هي السهام المستقسم بها (رجس) أي خبيث قذر (من عمل الشيطان) أي من تزيينه (فاجتنبوه) أي امتنعوا المذكور أو الرجس (لعلكم تفلحون) [90] في الآخرة.
[سورة المائدة (5): آية 91]
إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون (91)
(إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في) تناول (الخمر والميسر ويصدكم) أي ويصرفكم (عن ذكر الله) أي عن طاعته (وعن الصلاة) خصوصا، فانها وجه دينكم وأنتم نهيتم عن إقامتها إذا كنتم سكارى لزوال عقلكم عن أدائها، المعنى: أن الشيطان يريد أن يهلككم ويخرجكم عن دينكم بالخمر والميسر (فهل أنتم منتهون) [91] عن تناولهما، والاستفهام بمعنى الأمر هنا، يعني انتهوا عن شرب الخمر ولعب الميسر، وإنما جمعها مع الأنصاب والأزلام أولا ثم أفردهما آخرا، لأن الخطاب للمؤمنين بالنهي عما يستعملونهما من شرب الخمر ولعب الميسر، وذكر الأنصاب «4» والأزلام لتأكيد تحريم الخمر والميسر عليهم لقوله عليه السلام:
«شارب الخمر كعابد الوثن» «5»، فيؤذن بذلك أن الكل من أعمال الجاهلية فوجب الاجتناب عن الكل، ثم خصصهما بالذكر ليؤذن به أن المقصود هنا تحريمهما لأهل الإيمان والزجر عن استعمالهما بأبلغ النهي، قال عليه السلام في شأن الخمر: «أقسم الله بعزة جلاله أن من انتهكها في الدنيا لأعطشنه يوم القيامة ومن تركها بعد ما حرمتها لأسقينها أياه في خظيرة القدس، قيل: وما حظيرة القدس؟ قال: الله هو القدس وحظيرته الجنة» «6».
[سورة المائدة (5): آية 92]
وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين (92)
ثم أكد تحريمها وتحريم غيرها من المحرمات بقوله (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول) فيما أمركم ونهاكم من إقامة الصلوة وشرب الخمر ولعب القمار (واحذروا) عن عقابه بترك الأمر والنهي (فإن توليتم) أي أعرضتم
Page 290