266

Cuyun Tafasir

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

Genres

[سورة المائدة (5): آية 69]

إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون (69)

(إن الذين آمنوا) باللسان (والذين هادوا) أي دخلوا في اليهودية (والصابئون) رفع «1» على الابتداء، وخبره محذوف بنية التأخير عما في حيز «أن» من اسمها وخبرها، وهو كذلك كأنه قال إن الذين آمنوا والذين هادوا (والنصارى من آمن) منهم، أي من الكفار، شرط مبتدأ وخبر، أي من صدق مخلصا (بالله واليوم الآخر وعمل) عملا (صالحا) وجواب الشرط (فلا خوف عليهم) في الدين (ولا هم يحزنون) [69] في الآخرة، والشرط مع جوابه في محل الرفع خبر «إن»، و«الصابئون» كذلك، وهم العادلون من دين إلى دين، وإنما قدرنا خبر المبتدأ بعده كذلك فرارا من لزوم العطف على محل اسم «إن» قبل مضي الخبر لئلا يلزم توجه العاملين على معمول واحد، وهو ممتنع عندهم، والجملة أعني «والصابئون» كذلك عطف على الجملة قبلها، وهي «إن الذين آمنوا» إلى قوله «يحزنون»، ولا محل لها من الإعراب كما لا محل للجملة المعطوف عليها من الإعراب، ووجه تقديم «الصابئون» «2» على خبر «إن» قبل ذكر تمام المعطوف عليه هو التنبيه على أن الصابئين يتاب «3» عليهم إن صح منهم الإيمان والعمل الصالح مع كثرة ذنوبهم فما الظن بغيرهم.

[سورة المائدة (5): آية 70]

لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون (70)

ثم بين حال اليهود بقوله «4» (لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل) أي عهدهم في التورية (وأرسلنا إليهم رسلا) صفتهم (كلما جاءهم رسول) منهم (بما لا تهوى أنفسهم) أي لا يوافق هواهم، وجواب «كلما» محذوف، أي كذبوه بقرينة قوله (فريقا كذبوا) كمحمد «5» وعيسى (وفريقا يقتلون) [70] كيحيى وزكريا، ولم يقل قتلوا كما قال «كذبوا» ليكون على حكاية الحال الماضية استفظاعا للقتل واستحضارا لتلك الحالة الشنيعة للتعجيب منها.

[سورة المائدة (5): آية 71]

وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا ثم تاب الله عليهم ثم عموا وصموا كثير منهم والله بصير بما يعملون (71)

(وحسبوا ألا تكون فتنة) أي ظنوا أنهم لا يبتلون ابتلاء بتكذيبهم الرسل وقتلهم الأنبياء، قرئ بنصب «تكون» ب «أن» على أن حسب بمعنى شك، وبرفعه «6» على أن «أن» «7» مخففة من الثقيلة، فحسب يكون بمعنى علم، أي أنه لا تكون «8» فتنة وهو ساد مسد مفعولي «حسب»، والمعنى: حسب بنو إسرائيل أنه «9» لا يصيبهم بلاء في الدنيا وعذاب في الآخرة (فعموا) عن الحق بعبادة العجل فلم يبصروه (وصموا) عنه فلم يسمعوه بعد موسى (ثم تاب الله عليهم) أي تجاوز عن ذنوبهم بعد توبتهم عن عبادة العجل، ورفع عنهم البلاء ببعث عيسى والإيمان به واتباعه فيما أمرهم ونهاهم (ثم عموا وصموا) بكفرهم بمحمد المبعوث إليهم رسولا (كثير منهم) رفع، بدل من الضمير في الفعلين أو خبر مبتدأ محذوف، أي العمي والصمم كثير منهم (والله بصير بما يعملون) [71] بتكذيبهم الرسل وبقتلهم الأنبياء فيجازيهم بما عملوا.

[سورة المائدة (5): آية 72]

لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار (72)

ثم بين حال النصارى بقوله (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم) مع زعمهم أنهم مؤمنون

Page 285