223

Cuyun Tafasir

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

Genres

الصلاح والفساد وغيرهما، فعليهم أن يختاروا لأنفسهم ما يصلح لهم.

[سورة النساء (4): آية 127]

ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما (127)

قوله (ويستفتونك في النساء) نزل في شأن الذين يمنعون ميراث النساء، وهي بنات كحة، ويمتنعون عن نكاح اليتامى من النساء لدمامتهن «1» ويكرهون تزويجهن الغير من أجل مالهن «2»، أي يسألونك عن ميراث النساء (قل الله يفتيكم فيهن) أي يبين لكم ما لهن من الميراث، وعطف (وما يتلى عليكم) على ضمير الفاعل في «يفتيكم» أو على «الله»، أي الله يفتيكم، والمتلو عليكم يفتيكم (في الكتاب) أي في كتاب الله، وهو اللوح المحفوظ أو القرآن، ذكره تعظيما للمتلو عليهم، لأن العدل في حقوق اليتامى من عظام الأمور المرفوعة الدرجات عند الله، والإخلال به ظلم يتهاون به ما عظمه الله، ويتعلق قوله (في يتامى النساء) ب «يتلى» والإضافة فيه بمعنى من كقولك خاتم حديد، أي يتلى في ميراث اليتامى منهن (اللاتي لا تؤتونهن) أي لا تعطونهن (ما كتب) أي ما فرض (لهن) من الميراث والصداق (وترغبون) أي تزهدون وتعرضون (أن تنكحوهن) أي عن نكاحهن لدمامتهن «3»، عن عمر رضي الله عنه أنه كان يقول لولي اليتيمة: «إذا كانت جميلة غنية زوجها غيرك، وإن كان قبيحة فقيرة تزوجها أنت» «4»، قوله (والمستضعفين من الولدان) جر عطف على «يتامى النساء»، أي ويفتيكم الله والمتلو عليكم في المستضعفين من الصبيان.

قيل: «كان أهل الجاهلية يورثون الرجال ولا يورثون النساء والأطفال ويقولون: لا يغزون، ففرض الله لهم الميراث بذلك، وأمر لليتيم بالعدل» «5» بقوله (وأن تقوموا) وهو جر عطف على «يتامى النساء»، أي ويفتيكم في القيام (لليتامى بالقسط) أي بالعدل والإنصاف، قيل: يجوز أن يكون الخطاب للأوصياء وأن يكون للحكام بأن يستوفوا لهم حقوقهم، وأن يظفروا عليهم بنظر المرحمة «6» (وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما) [127] يجازيكم به، قيل: في الآية دليل على أن ما سوى الأب والجد إذا زوج اليتيمة جاز وإنه إذا زوجها من نفسه جاز إذا كانت غير ذي رحم محرم منه «7».

[سورة النساء (4): آية 128]

وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا (128)

قوله (وإن امرأة خافت) أي توقعت وعلمت (من بعلها نشوزا) أي أذاء وجفاء أو ترك مضاجعة بغضا لها (أو إعراضا) عنها بوجهه ونفقته وقلة الإلتفات إليها مجالسة ومحادثة (فلا جناح عليهما أن يصلحا) معلوما من أصلح و«أن يصالحا» بالألف، وتشديد الصاد «8»، وأصله يتصالحا، أي يصطلحا (بينهما صلحا) نزل في شأن بنت محمد بن مسلمة وفي زوجها أسعد بن الزبير تزوجها وهي شابة، فلما كبرت تزوج عليها شابة أخرى وآثرها عليها، وجفا بنت محمد بن مسلمة، فأتت رسول الله فشكت إليه، فأمر بالإصلاح بينهما وهو بأن يتوافقا على ما تطيب به أنفسهما بأن يترك أحدهما شيئا مما يستحقه على صاحبه طلبا لصحبته «9»، ثم قال

Page 242