============================================================
الفن الخامس: من كتاب عيون المسائل والجوابات فقد تم. وإنما قيل: إنه حدث على الاستعارة، وتعلقه بالحوادث في الحقيقة التي هي الأعراض.
ولو جاز لقائل (أن) يقول: إن الحادث في الحقيقة هو ما استحال أو ما قطع من أصل لجاز لآخر أن يقول: إن القديم في الحقيقة هو ما بعد عهد وجوده، فقد قيل لهم: هذا قديم كما قيل لذاك محدث، وإلا فإن كان القديم هو مالم يزل موجودا، أولم يكن معدوما على وجه من الوجوه؛ فالمحدث هو الذي حدث بعد أن لم يكن له وجود على وجه من الوجوه. ولو جاز أيضا أن نقول: ان المحدث في الحقيقة هو ما استحال على أصل أو ما فصل منه، وإن كانث عينه لم تزل موجودة، لجاز لآخر أن يقول: إن القديم هو ما لم يستحل قط، ولم يفصل من شيء، وإن كان موجودا بعد أن لم يكن على وجه من الوجوه.
استدلال: قال الملحدون: ما الدليل على صحة قولنا في قدم العالم إن متوهما لو توهمه موجودا قبل هذا الحال لكان ذلك شائعا صحيحا، ثم لو توهم موجودا قبل ذلك لكان أيضا ذلك صحيحا، ثم كذلك أبدا، وليس يصير إلى حال يمتنع في الوهم أن يكون موجودا؟ ولما كان هذا هكذا كان القدم موهوما غير فاسد ولا مستحيل نقض: قال الموحدون: إن كان هذا هكذا فيجب أن يكون إذا رأينا دارا مبنية أو شيخا قاعدا على هيئة ألا ننكر أن نكون بمنزل كذلك؛ لأنا نصير إلى حال من الأحوال السالفة يمتنع أو يتوهم وجوده فيها على حالته التي وجدناء عليها. فإن أجزئم ذلك ولم تحيلوه تركتم أصولكم وكابرتم، وإن أحلتموه أفسدثم دليلكم.
Page 605