بسم الله الرحمن الرحيم
وبه ثقتي
قال سيدنا وشيخنا الشيخ الإمام داود الباخلي رضي الله عنه:
الحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، السلام عليك
أيها النبي ورحمة الله وبركاته، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد [كما صليت على
إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد]، كما باركت عل إبراهيم
وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، (ربنا تقبل منا إنك أنت السميع
العليم )
(اللهم اني أشكو إليك ضعف قوتي ، وقلة حيلتي وهواني على المخلوقين ، أنت
رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني ، إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، ولكن
Unknown page
عافيتك أوسع لي، أعوذ بنور وجهك من أن ينزل بي غضبك، أو يحل علي سخطك، لك
العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك»
25
رب إني أشكو اليك تلون أحوالي، وتوقف سؤالي، يا من تعلقت بلطيف كرمه
وجميل عوائده آمالي، يا من لا يخفى عليه خفي حالي، يا من يعلم عاقبة أمري ومآلي.
رب إن ناصيتي بيديك، وأموري كلها ترجع إليك، وأحوالي لا تخفى عليك،
وآلامي وأحزاني وهمومي معلومة لديك، قد جل مصابي، وعظم اكتئابي، وانصرم
شبابي، وتكدر علي صفو شبابي، واجتمعت علي همومي وأوصابي، وتأخر عني
تعجيل مطلبي، وتنجيز أعتابي
يا من إليه مرجعي ومآبي، يا من يسمع هواجس سر سري، وعلانية خطابي،
Unknown page
وتعلم ما علة ألمي، وحقيقة ما بي، قد عجزت قدرتي وقلت حيلتي، وضعفت قوتي
وتاهت فكرتي، وأشكلت قضيتي، واتسعت قصتي، وساءت حيلتي، وبعدت
أمنيتي، وعظمت حسرتي، وتصاعدت زفراتي، وأفصح مكنون سري إسبال دمعتي،
وأنت ملجأي ووسيلتي، وإليك ادفع بثي وحزني وشكايتي، وأرجوك لدفع ملمتي، يا
من نعلم سري وعلانيتي.
إلهي بابك مفتوح للسائل، وفضلك مبذول للنائل، وأليك منتهى الشكوى
وغاية الوسائل
إلهي ارحم دمعي السائل وجسمي الناحل ، وحالي الحائل ، وسنادي المائل ، يا
من إليه ترفع الشكوى، يا عالم السر والنجوى، يا من يسمع ويرى، يا من هو بالمنظر
الأعلى، يا رب الأرض ، والسماء ، يا من له الأسماء الحسنى، يا صاحب الدوام والبقاء.
Unknown page
26
رب عبدك قد ضاقت به الأسباب، وغلقت دونه الأبواب، وتعذر عليه سلوك
طريق الصواب، وزاد به الهم والغم والاكتئاب، وتقضى عمره ولم يفتح له إلى فسيح
تلك الحضرات ومناهل الصفو والراحات باب، وتصرمت أيامه والنفس زائغة في
ميادين الغفلة، ودني الاكتساب، وأنت المرجو لكشف هذا المصاب ، يا من إذا دعي
أجاب ، يا سريع الحساب ، يا رب الأرباب ، يا عظيم الجناب
رب، لا تحجب دعوتي، ولا ترد مسألتي، ولا تدعني بحسرتي، ولا تكلني إلى
حولي وقوتي، وارحم عجزي وفاقتي، فقد ضاق صدري، وتاه فكري، وتحيرت في
أمري ، وأنت العالم بسري وجهري ، المالك لنفعي وضري ، القادر على تفريج كربي،
وتيسير عسير عسري.
Unknown page
رب، ارحم من عظم مرضه، وعم شقاؤه، وكثر داؤه وقل دواؤه، وضعفت
حيلته، وقوي بلاؤه، وأنت ملجؤه ورجاؤه، وغوثه وشفاؤه، يا من غمر العباد فضله
وعطاؤه، ووسع البرية جوده ونعماؤه.
ها أنا ذا عبدك محتاج إلى ما عندك، فقير انتظر جودك ورفدك، مذنب أسأل منك
الغفران، جان، خائف، أطلب منك الصفح والأمان، مسيء عاص فى توبة تجلو
بأنوارها ظلمات الإساءة والعصيان.
سائل، باسط يد الفاقة الكلية يسأل منك الجود والإحسان، مسجون ، مقيد
فعسى يفك قيده، ويطلق من سجن حجابه إلى فسيح حضرات الشهود والعيان، جائع،
عار، فعسى يطعم من ثمرات التقريب، ويكسى من حلل الإيمان.
ظمآن ظمآن، وأي ظمآن! ظمآن يتأجج في أحشائه لهيب النيران، فعسى تبرد
Unknown page
عنه نيران الكرب، ويسقى من شراب الحب، ويكرع من كاسات القرب، ويذهب عنه
البؤس، وآلام الأحزان، وينعم من بعد بؤسه وألمه، ويشفى من بعد مرضه وسقمه
حتى كأن ما كان ما كان
27
ناء، غريب، مصاب قد بعد عن الأهل والأوطان، فعسى أن يزول عنه هذا
التعب والشقاء، ويعود له القرب واللقاء، وتتراءى له سلع والنقا ويلوح له
الأثل والبان، ويناله اللعلف، وتحل عليه الرحمة والرضوان.
يا عظيم يا منان، يا رحيم يا رحمن، يا صاحب الجود والامتنان، والرحمة
والغفران.
يا رب يا رب يا رب، ارحم من ضاقت عليه الأكوان ولم يؤنسه الثقلان، وقد
Unknown page
أصبح مدلها حيرانا، وأضحى غريبا ولو كان في الأهل والأوطان، مزعجا لا يؤويه
مكان، قلقا لا يلهيه عن بثآه وحزنه تغير الأزمان، مستوحشا لا يأنس قلبه بإنس ولا
جان
يا من لا يسكن قلب إلا بقربه وأنواره، ولا يحيا عبد إلا بلطفه وإبراره، ولا يبقى
وجود إلا بإمداده وإظهاره، يا من أنس عباده الأبرار، وأولياءه المقربين الأخيار
بمناجاته وأسراره، يا من أمات وأحيا، وأقصى وأدنى، وأسعد وأشقى، وأضل وهدى،
وأفقر وأغنى، وأبلى وعاف، وقدر وقضى، كل بعظيم تدبيره وسابق أقداره.
رب، أي باب يقصد غير بابك؟! وأي جناب يتوجه إليه غير جنابك؟! أنت
العلي العظيم الذي لا حول ولا قوة إلا بك
رب، إلى من أقصد وأنت المقصود ! وإلى من اتوجه وأنت الحق الموجود ? ! ومن
Unknown page
ذا الذي يعطيني وأنت صاحب الوجود ? ! ومن ذا الذي أسأله وأنت الرب المعبود ?
هل في الوجود رب سواك فيدعي ؟! أم في المملكة إله غيرك فيرجى ?! أم هل
كريم غيرك فيطلب منه العطا؟! أم هل ثم جواد سواك فيطلب منه الفضل والنعما؟! أم
هل حاكم غيرك فترفع إليه الشكوى ?! أثم من يحال العبد الفقير إليه؟ أم هل من تبسط
لأكف وترفع الحاجات إليه؟
فليس إلا كرمك، وجودك، يا من لا ملجأ منه إلا إليه، يا من يجير ولا يجار عليه
والا فعرفنا، أغيرك ها هنا كريم فيرجى، أو جواد فيسأل؟
رب، قد جفاني القريب، وملني الطبيب، وشمت بي العدو والرقيب، واشتد بي
الكرب والنحيب ، وأنت الودود القريب الرؤوف المجيب .
رب، إلى من اشتكي وأنت العليم القادر ?! أم بمن أستنصر وأنت الولي
Unknown page
الناصر ? ! أم بمن استغيث وأنت القوي القاهر ! إلى من ألتجئ وأنت الكريم الساتر ? !
أم من ذا الذي يغفر عظيم ذنبي وأنت الرحيم الغافر ؟
با عالما بما في السرائر ، يا من هو المطلع على مكنون الضمائر ، يا من هو فوق عباد
قاهر، يا من هو الأول، والآخر، والباطن، والظاهر
رب أزل حيرة هذا العبد الحائر ، وجد باللطف والهداية ، والتوفيق والعناية ، على
عبد ليس له منك بد، وهو إليك صائر
يا إله العباد يا صاحب الجود، يا ممرضي وأنت طبيبي ، فلمن أشتكي وأنت عليم
يا إلهي بحاجتي والذي بي?! رب، حقيق علي ألا أشتكي إلا إليك، ولازم لي ألا أتوكل
إلا عليك . يا من عليه يتوكل المتوكلون ، يا من إليه يلجأ الخائفون ، يا من بكرمه وجميل
عوائده يتعلق الراجون، يا من بسلطان عزه، وقهره، وعظيم رحمته وبره يستغيث
Unknown page
المضطرون، يا من لوسع عطائه وجميل فضله ونعمائه تبسط الأيدي ويسأل السائلون.
رب، واجعلني ممن توكل عليك، وآمن خوفي إذا وصلت إليك، ولا تخيب
رجائي إذا صرت بين يديك، واجعلني ممن تسوقه الضرورات إليك، وأعطني من
فضلك العظيم، وجد علي بلطفك العميم، واجعلني بك ومنك وإليك:
29
وارحم بجودك عبدا ما له سبب
يرجو سواك، ولا علم ولا عمل
يا من به ثقتي، يا من به فرحي
يا من عليه ذوو الفاقات تتكل
أدرك بقية من ذابت حشاشتة
Unknown page
قبل الفوات فقد ضاقت به الحيل
يا مفرج الكربات، يا مجلي العظيمات، يا مجيب الدعوات ، يا غافر الزلات، يا ساتر
العورات ، يا رفيع الدرجات، يا رب الأراضين والسماوات.
رب ارحم من ضاقت به الحيل، وتشابهت لديه السبل، ولم يجد لقلبه قرارا، من
علم ولا عمل، يا من عليه المتكل، يا من إذا شاء فعل، يا من لا يبرمة سؤال من سأل.
رب فأجب دعائي، واسمع ندائي، ولا تخيب رجائي، وعجل لي شفاء دائي،
وعافني بجودك ورحمتك من عظيم بلائي، يا رب يا مولاي.
رب إني قل اصطباري، وطال انتظاري، واشتدت بي فاقات واضطراري،
وعظمت علي همومي وأحزاني وأكداري، وتطاول علي سواد ليلي، وبعد عني طلوع
بياض نهاري، وأنت القادر على دفع إعساري، وذهاب أوصابي وأغياري، وتفريج
Unknown page
كربي، وإصلاح قلبي، وتخفيف أوزاري.
رب إني فد لاح لي برف من سحائب رحمتك، فوقفت على باب حضرتك، أنتظر
عواطف جودك ولطائف رأفتك، وتعلقت أطماعي بعوائد إحسانك وصنائع إلهيتك،
وانبسطت آمالي في واسع كرمك وجود ربوبيتك ، فلا تردني بكسرة الخائب الخاسر ، ولا
ترجعني بحسرة النادم الخاسر، ولا تجعلني ممن حجب عن الوصول، وبقي بين الرد
والقبول مترددا حائرا، يا من هو على من يشاء قادر، يا قوي يا عزيز يا ناصر.
رب خذ بيدي، وارحم قلة صبري وضعف جلدي
30
رب إني أشكو إليك بثي وحزني وكمدي، يا من هو غوثي وملجأي، ومولاي
وسندي.
Unknown page
رب فأطلقني من سجن الحجاب، ومن علي بما مننت به على الأولياء الأحباب،
وطهر قلبي من الشك والشرك والارتياب، وثبتني دائما أبدا في الحياة وعند الممات على
السنة والكتاب، وفهمني، وعلمني، وذكرني، ووفقني، واجعلني من أولي الفهم في
الخطاب، وكن لي بلطفك ورحمتك وحنانك ورأفتك فيما بقي من عمري ، وعند حضور
أجلي، ويوم يقوم الحساب، وآمن خوفي، واجعلني من الطيبين، وممن يتلقى بسلام إذ
فتحت الأبواب.
رب أنت الذي بقدرتك خلقتني، وبرحمتك هديتني، وبنعمتك ربيتني، وبلطفك
غذيتني، وبجميل سترك سترني، وفي أحسن صورة ركبتني، وفي عوالم أبدائك
مكنتني، ومن خير أمة أخرجتني، وسبيل النجدين ألهمتني، فأتم علي نعمتك التي لا
يحصى، وكمل لدي أياديك التي لا تنسى، واجعلني ممن هدي واهتدى، وسمع ووعى،
Unknown page
وقرب ودنا، وممن سبقت له منك الحسنى، وممن نال أفضل ما يتمنى
واجعلني من أهل القرب واللقاء، والرتبة العليا في دار البقاء ، ولا تجعلني ممن
ضل وغوى، ولا ممن قسم له نصيب الشقاء، ولا ممن ينشغل بما يفنى، ولا ممن ضل
سعيه في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا
31
( ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما)، وقد علمت ما كان ويكون منا، وتقدس
علمك الأعلى، وجرى القلم بما شئت من القضاء، فليس لنا إلا ما إليه وفقتنا، ولا مفر
لنا عما به أردتنا، وتداركتنا بفضلك ورحمتك، وجزيتنا بعفوك ومغفرتك.
رب فكما وسع كل ما كان مني علمك الأعلى، وأحطت بما كان ويكون مني ومن
كل شيء حكما وعلما، فجد علي في كل ذلك برحمتك الواسعة العظمى، واغمسني في
Unknown page
بحار كرمك وعفوك و حلمك أبدا، يا من إذا وعد وفى، يا من وسع كل شيء رحمة
وعلما
إلهي طلبتك، وطلبت الخلق إليك، فأعني على الوصول والتوصيل إليك
واجمعني واجمع بي من تشاء عليك ، اللهم إنا نسألك حسن الأدب عند إرخاء الحجاب
***
قال رضي الله عنه : جاء في الحديث : إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى.
فعلى حسب ارتقاء همتك في نيتك، [يكون]، ارتقاء درجتك عند عالم سريرتك.
والنية أقسام: نية بالله، ونية لله، ونية لأمر الله، ونية رجاء لوعد الله، ونية خوف
من وعيد الله، وأعلاها النية لله وبالله، وأعلاهما أولاهما، لأن الأصل أن يكون العبد بين
يدي سيده، وإنما كانت [العلل] والأسباب، لوجود البعد وإرخاء الحجاب، فإذا لاح
Unknown page
لعقلك بالفكر والتذكار، أو فتح لقلبك بالكشف والأنوار شيئا مما كان قبل البعد
والاستتار ، أو تراءى لسرك شيئا مما كان من النور والصفاء قبل حدوث الظلم
والأكدار، علمت أن الخضوع لرب الأرباب حتما لازما من غير العلل والأسباب
32
( فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا )
وإني لألقاها أريد عتابها
وأوعدها بالهجر مطلع الفجر
فما هو إلا أن أراها فجأة
وأبهت لا عرف لدي ولا نكر.
إن رقيت إلى فهم هذا المقام - في أي قسم كنت من هذه الأقسام - ناداك منادي
القهر والاقتدار
اشتيقظ من رقدتك، وتنبه من عظيم غفلتك، إنما أنت به لا بحولك وقوتك،
Unknown page
فالعوالم كلها في قهر قبضته، والموجودات كلها قائمة في ظل عز قيوميته، وما سكن
ساكن ولا تحرك متحرك الا بحوله وقوته، فأنت إذن به له، ثم من هاهنا بحار يغرق
فيها سبح الألباب، وحمى تخر دون بلوغ مرماه الرقاب، إذ بينما، أنت لله رقيب، فصرت
بالله لله، ثم لله وحده، ثم الله وحده ( قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون )
قال رضي الله عنه: الولي له نوران: نور يجذب به، ونور يدفع به، نور بسط وعطف ورحمة
تجذب به قلوب أهل العناية، ونور قبض وعزة و قهر يدفع به أهل البعد والغواية، لأنه
يتصفح بين دائرتي فضل وعدل، فإذا أقيم بالفضل ظهر فجذب فنفع ، وإذا أقيم
33
بالعدل والعز حجب فخفي فدفع، فمن أقبل فإنما ذلك لرسائل منهم وردت عليه،
ومن أدبر فإنما ذلك لوجود قضاء غلب عليه
Unknown page
وقال رضي الله عنه : إذا علم العبد زاد افتقاره وطلبه، وعلت همته ومطلبه، وكلما ازداد
علما ازداد طلبا وافتقارا، لأنه في حالة جهله يطلب العلم ، وفي حالة علمه يطلب
انجلاء المعلوم .
والمعلومات درجات لا غاية لمنتهاها ، ولا حد لعلو مرماها ، فهو أبدا يشتاق إلى
إبداء شيء من معناها، وإن كان هو يشاهدها ويراها، فيا عجبا من لوعة كلما ارتوت
من السلسبيل العذب زاد ضرامها، كمن لا بصر له يشتاق إلى بصر، فإذا أبصر اشتاق
إلى جمال المبصرات
وما كنت ممن يدخل العشق قلبه
ولكن من يبصر جفونك يعشق
وقال رضي الله عنه: الأسرار نوعان: أسرار ينزل العلم عليها، وأسرار ترقى هي إليه
وأعلاهما أولاهما
Unknown page
فالأسرار التي ينزل العلم عليها علمها أجل وأعلى، وأصدق وأجلى، وأوثق
وأقوى، لأن العلم إذا ورد هو عليها صارت هي غيبا فيه، فتختفي رسومها، وتتضح
علومها، وتدق شواهدها، وتتضح مشاهدها، وتعزل تصرف عوالم الآثار، وتصير
الدولة الحاكمة لعوالم الأنوار: ( إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة
أهلها أذلة وكذلك يفعلون).
34
والأسرار التي تترقى هي للعلوم يشوب شربها طعم كأسها، وتنزل خلع مواهبها
قريبا من جنس لباسها، فيحصل فيها ضرب من الإخفاء والإشكال، ويضرب لها الجلي
ولخفي من الأمثال، وتداخل شهود بصائرها ضرب الإخفاء والاستتار
وقال رضي الله عنه: عالم العلم الظاهر كلما اتسع علمه ونما انتشر في الوجود وفشاء لأن
Unknown page
[محل] ظهور علمه هذه الحياة الدنيا .
وعالم العلم الباطن كلما اتسع علمه وعلا دق عن الإدراك ومال إلى الخفاء ، لأن
متعلق علمه إنما هو الأعز الأحمى والأستر الأخفى، متردد بين قلوب وغيوب، يحاول
أجل مدرك، وأعز مطلوب، والعلم بالخفي خفي
وعالم العلم الخفي خفي ، وعالم العلم الظاهر ينقضي علمه بانقضاء هذه الدار،
لانه منوط بالتكليف، وبيان لأحكامه، فإذا انقضت دار التكليف انقضى بانقضائها،
وإنما يبقى له إذا صدق وأخلص لله فيه الجزاء والثواب، لأنه عمل من الأعمال، وعالم
العلم الباطن يتسع علمه ويقوى، ويبسط وترقى وظهر بعد الخفاء، لأن ما وجه قلب
إلى معرفته هو سائر إليه، وما لاحظ ببصر بصيرته - النظر في أوصافه - هو قادم عليه.
وقال رضي الله عنه : لن تزال القلوب وجلة، والعيون باكية، والعبد على خوفي وقلق حتى
Unknown page