78

ʿUyūn al-Athar fī Funūn al-Maghāzī waʾl-Shamāʾil waʾl-Siyar

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

Publisher

دار القلم

Edition

الأولى

Publication Year

١٤١٤/١٩٩٣.

Publisher Location

بيروت

يَنْتَهِي إِلَيْهِ عِلْمُ النَّصْرَانِيَّةِ فِيمَا يَزْعُمُونَ، فَسَأَلَهُ عَنِ الْحَنِيفِيَّةِ دِينِ إِبْرَاهِيمَ ﵇ فَقَالَ: إِنَّكَ لَتَطْلُبُ دِينًا مَا أَنْتَ بِوَاجِدٍ مَنْ يَحْمِلُكَ عَلَيْهِ الْيَوْمَ، وَلَكِنْ قَدْ أَظَلَّكَ زَمَانُ نَبِيٍّ يَخْرُجُ مِنْ بِلادِكَ الَّتِي خَرَجْتَ مِنْهَا يُبْعَثُ بِدِينِ إِبْرَاهِيمَ الْحَنِيفِيَّةِ فَالْحَقْ بِهِ فَإِنَّهُ مَبْعُوثٌ الآنَ هَذَا زَمَانُهُ. وَقَدْ كَانَ زَيْدٌ شَامَ الْيَهُودِيَّةَ وَالنَّصْرَانِيَّةَ فَلَمْ يَرْضَ مِنْهَا شَيْئًا، فَخَرَجَ سَرِيعًا حِينَ قَالَ لَهُ ذَلِكَ الرَّاهِبُ مَا قَالَ يُرِيدُ مَكَّةَ، حَتَّى إِذَا تَوَسَّطَ بِلادَ لَخْمٍ عَدَوْا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ.
قَالَ ابْنُ إسحق: وَكَانَ فِيمَا بَلَغَنِي عَمَّا كَانَ وَضَعَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فِيمَا جَاءَهُ مِنَ اللَّهِ مِنَ الإِنْجِيلِ مِنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مما أَثْبَتَ لَهُمْ يُحَنّسُ الْحَوَارِيُّ حِينَ نَسَخَ لَهُمُ الإِنْجِيلَ مِنْ عَهْدِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ إِلَيْهِمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَنْ أَبْغَضَنِي فَقَدْ أَبْغَضَ الرَّبَّ، وَلَوْلا أني صنعت بحضرتهم صنائع لَمْ يَصْنَعْهَا أَحَدٌ قَبْلِي مَا كَانَتْ لَهُمْ خَطِيئَةٌ وَلَكِنْ مِنَ الآنِ بَطِرُوا، وَظَنُّوا أَنَّهْمُ يُغْرُونَنِي وَأَيْضًا لِلرَّبِّ، وَلَكِنْ لا بُدَّ أَنْ تَتِمَّ الْكَلِمَةُ الَّتِي فِي النَّامُوسِ أَنَّهْمُ أَبْغَضُونِي مَجَّانًا، أَيْ بَاطِلا، فَلَوْلَا قَدْ جَاءَ الْمُنْحَمَنَّا هَذَا الَّذِي يُرْسِلُهُ اللَّهُ إِلَيْكُمْ مِنْ عِنْدِ الرب روح القسط هَذَا الَّذِي مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ خَرَجَ فَهُوَ شَهِيدٌ عَلَيَّ وَأَنْتُمْ أَيْضًا، لأَنَّكُمْ قَدِيمًا كُنْتُمْ مَعِي عَلَى هَذَا، قُلْتُ لَكُمْ: لِكَيْ لا تَشْكُوا. وَالْمُنْحَمَنَّا بِالسِّرْيَانِيَّةِ هُوَ مُحَمَّدٌ ﷺ، وَهُوَ بِالرُّومِيَّةِ الْبرَقْلِيطَسُ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَبَلَغَنِي أَنَّ رُؤَسَاءَ نَجْرَانَ كَانُوا يَتَوَارَثُونَ كُتُبًا عِنْدَهُمْ، فَكُلَّمَا مَاتَ رَئِيسٌ مِنْهُمْ فَأَفْضَتِ الرِّيَاسَةُ إِلَى غَيْرِهِ خَتَمَ عَلَى تِلْكَ الْكتب خاتما مع الخواتم التي قبله ولم بكسرها فَخَرَجَ الرَّئِيسُ الَّذِي كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ يَمْشِي، فَعَثِرَ فَقَالَ ابْنُهُ: تَعِسَ الأَبْعَدُ- يُرِيدُ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ: لا تَفْعَلْ، فَإِنَّهُ نَبِيٌّ، وَاسْمُهُ فِي الْوَضَائِعِ- يَعْنِي الْكتب- فَلَمَّا مَاتَ لَمْ يَكُنْ لَهُ هِمَّةٌ إِلَّا أَنْ شَدَّ، فَكَسَرَ الْخَوَاتِمَ، فَوَجَدَ ذِكْرَ النَّبِيِّ ﷺ فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلامُهُ، فَحَجَّ وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ:
إِلَيْكَ تَغْدُو قَلَقًا وَضِينُهَا ... مُعْتَرِضًا فِي بَطْنِهَا جَنِينُهَا
مُخَالِفًا دِينَ النصارى دينها
وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ دِحْيَةَ بْنِ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيِّ فِي تَوَجُّهِهِ بِكِتَابِ النَّبِيِّ ﷺ إِلَى مَلَكِ الرُّومِ، وَأَنَّ مَلِكَ الرُّومِ قَالَ لِقَوْمِهِ: هَذَا كِتَابُ النَّبِيِّ الَّذِي بَشَّرَنَا بِهِ الْمَسِيحُ مِنْ وَلَدِ

1 / 81