76

Cuyun Athar

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

Publisher

دار القلم

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٤/١٩٩٣.

Publisher Location

بيروت

وَدِيَّةٍ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اذْهَبْ يَا سَلْمَانُ فَفَقِّرْ لَهَا، فَإِذَا فَرَغْتَ فَأْتِنِي أَكُنْ أَنَا أَضَعُهَا بِيَدِي»، فَفَقَّرْتُ وَأَعَانَنِي أَصْحَابِي، حَتَّى إِذَا فَرَغْتُ جِئْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ، فَخَرَجَ مَعِي إِلَيْهَا، فَجَعَلْنَا نُقَرِّبُ إِلَيْهِ الْوَدِيَّ وَيَضَعُهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِيَدِهِ حَتَّى فَرَغَتْ، فَوَالَّذِي نَفْسُ سَلْمَانَ بِيَدِهِ مَا مَاتَ مِنْهَا وَدِيَّةٌ وَاحِدَةٌ، فَأَدَّيْتُ النَّخْلَ وَبَقِيَ عَلَيَّ الْمَالُ، فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِمِثْلِ بَيْضَةِ الدَّجَاجَةِ مِنْ ذَهَبٍ مِنْ بَعْضِ الْمَعَادِنِ، فَقَالَ: «مَا فَعَلَ الْفَارِسِيُّ الْمُكَاتِبُ» فَدُعِيتُ لَهُ فَقَالَ: «خُذْ هَذِهِ فَأَدِّهَا مِمَّا عَلَيْكَ يَا سَلْمَانُ» قُلْتُ: وَأَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِمَّا عَلَيَّ؟ قَالَ: «خُذْهَا فَإِنَّ اللَّهَ سَيُؤَدِّي بِهَا عَنْكَ» فَأَخَذْتُهَا فَوَزَنْتُ لَهُمْ مِنْهَا، وَالَّذِي نَفْسُ سَلْمَانَ بِيَدِهِ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً، فَأَوْفَيْتُهُمْ حَقَّهُمْ، فَشَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الْخَنْدَقَ ثُمَّ لَمْ يَفُتْنِي مَعَهُ مَشْهَدٌ. وَذَكَرَ أَبُو عُمَرَ فِي خَبَرِ سَلْمَانَ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ الْحُبَابِ قَالَ: حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرْيَدَة عَنْ أَبِيهِ أَنَّ سَلْمَانَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، وَفِيهِ: فَاشْتَرَاهُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مِنْ قَوْمٍ مِنَ الْيَهُودِ بِكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا، وَعَلَى أَنْ يَغْرِسَ لَهُمْ كَذَا وَكَذَا مِنَ النَّخْلِ يَعْمَلَ فِيهَا سَلْمَانُ حَتَّى تُدْرِكَ، فَغَرَسَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ النَّخْلَ كُلَّهُ إِلَّا نَخْلَةً غرسها عمر، فأطعم للنخل كُلُّهُ إِلَّا تِلْكَ النَّخْلَةَ الَّتِي غَرَسَهَا عُمَرُ، فقال رسول الله ﷺ: «مَنْ غَرَسَهَا»؟ قَالُوا: عُمَرُ، فَقَلَعَهَا وَغَرَسَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَأُطْعِمَتْ مِنْ عَامِهَا، وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ ﵀ حَدِيثَ سَلْمَانَ كما ذكره ابن إسحق، غَيْرَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ سَلْمَانَ غَرَسَ بِيَدِهِ وَدِيَّةً وَاحِدَةً وَغَرَسَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سَائِرَهَا، فَعَاشَتْ كُلُّهَا إِلَّا الَّتِي غَرَسَ سَلْمَانُ. هَذَا مَعْنَى حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ ﵀. وَعَنْ سَلْمَانَ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ حِينَ أَخْبَرَهُ خَبَرَهُ: إِنَّ صَاحِبَ عَمُّورِيَّةَ قَالَ: لَهُ: ائْتِ كَذَا وَكَذَا مِنْ أَرْضِ الشَّامَ فَإِنَّ بِهَا رَجُلا بَيْنَ غَيْضَتَيْنِ يَخْرُجُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ هَذِهِ الْغَيْضَةِ إِلَى هَذِهِ الْغَيْضَةِ مُسْتَجِيزًا يَعْتَرِضُهُ ذَوُو الأَسْقَامِ، فَلا يَدْعُو لأَحَدٍ مِنْهُمْ إِلَّا شُفِيَ فَسَلْهُ عَنْ هَذَا الدِّينِ الَّذِي تَبْتَغِي فَهُوَ يُخْبِرُكَ عَنْهُ، قَالَ سَلْمَانُ: فَخَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ حَيْثُ وَصَفَ، فَوَجَدْتُ النَّاسَ قَدِ اجْتَمَعُوا بِمَرْضَاهُمْ هناك حتى خرج له تِلْكَ اللَّيْلَةَ مُسْتَجِيزًا مِنْ إِحْدَى الْغَيْضَتَيْنِ إِلَى الأُخْرَى، فَغَشِيَهُ النَّاسُ بِمَرْضَاهُمْ، لَا يَدْعُو لِمَرِيضٍ إِلَّا شُفِيَ، وَغَلَبُونِي عَلَيْهِ فَلَمْ أَخْلُصُ إِلَيْهِ حَتَّى دَخَلَ الْغَيْضَةَ [١] الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ إلا

[(١)] الغيضة: المكان الذي يكثر فيه الشجر ويلتف، والجمع: غياض وأغياض.

1 / 79