Cuyun Athar
عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير
Publisher
دار القلم
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٤/١٩٩٣.
Publisher Location
بيروت
الْمَعْرُوفُ: بِالْقُبَاعِ، وَهُوَ أَخُو عُمَرَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الشَّاعِرِ وَمَعَهُ رَجُلٌ آخَرُ، فَحَدَّثَاهُ عَنْ عائشة عن رسول الله ﷺ بِالْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ، فَنَدِمَ وَجَعَلَ يَنْكُثُ فِي الأَرْضِ بِمِخْصَرَةٍ فِي يَدِهِ وَيَقُولُ: وَدِدْتُ أَنِّي تَرَكْتُ أَبَا خُبَيْبٍ وَمَا تَحَمَّلَ مِنْ ذَلِكَ. فَهَذِهِ الْمَرَّةُ الْخَامِسَةُ.
فَلَمَّا قَامَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَهَا عَلَى مَا بَنَاهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ وَشَاوَرَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْ تَجْعَلَ هَذَا الْبَيْتَ مَلْعَبَةً لِلْمُلُوكِ بَعْدَكَ، لا يَشَاءُ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ يُغَيِّرَهُ إِلَّا غَيَّرَهُ فَتَذْهَبُ هَيْبَتُهُ مِنْ قُلُوبِ النَّاسِ، فَصَرَفَهُ عَنْ رَأْيِهِ فِيهِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ بُنِيَ فِي أَيَّامِ جَرْهَمٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ لأَنَّ السَّيْلَ كَانَ قَدْ صَدَّعَ حَائِطَهُ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بُنْيَانًا، وَإِنَّمَا كَانَ صَلاحًا لِمَا وَهَى مِنْهُ، وَجِدَارًا يُبْنَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّيْلِ، بَنَاهُ عَامِرٌ الْجَادِرُ. وَكَانَتِ الْكَعْبَةُ قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَهَا شِيثٌ ﵇ خَيْمَةً مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ، يَطُوفُ بِهَا آدَمُ وَيَأْنَسُ بِهَا، لأَنَّهَا أُنْزِلَتْ إِلَيْهِ مِنَ الْجَنَّةِ، وَكَانَ قَدْ حَجَّ إِلَى مَوْضِعِهَا مِنَ الْهِنْدِ. وَقَدْ قِيلَ أَيْضًا: إِنَّ آدَمَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ بَنَاهَا. ذَكَرَهُ ابن إسحق فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْبَكَّائِيِّ. وَفِي الْخَبَرِ أَنَّ مَوْضِعَهَا كَانَ غُثَاءَةً [١] عَلَى الْمَاءِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، فَلَمَّا بَدَأَ اللَّهُ يَخْلُقُ الأَشْيَاءَ خَلَقَ التُّرْبَةَ قَبْلَ السَّمَاءِ، فَلَمَّا خلق السماء وقضاهن سبع سموات دحى الأَرْضَ، أَيْ بَسَطَهَا، وَذَلِكَ قَوْلُهُ ﷾: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها [٢]، وَإِنَّمَا دَحَاهَا مِنْ تَحْتِ مَكَّةَ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ أُمَّ الْقُرَى. وَفِي التَّفْسِيرِ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ حين قال للسموات وَالأَرْضِ: ائْتِيا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ [٣] لَمْ يُجِبْهُ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ إِلَّا أَرْضُ الْحَرَمِ فَلِذَلِكَ حَرَّمَهَا. وَفِي الْحَدِيثِ: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ الْحَدِيثَ ...
_________
[(١)] الغثاء: ما يحمله السيل من رغوة ومن فتات الأشياء التي على وجه الأرض، والغثاء أيضا: رغوة القدر.
[(٢)] سورة النازعات: الآية ٣٠.
[(٣)] سورة فصلت: الآية ١١.
1 / 68