Cuyun Athar
عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير
Publisher
دار القلم
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٤/١٩٩٣.
Publisher Location
بيروت
مِنْهُمَا، فَغَمَزَنِي أَحَدُهُمَا فَقَالَ: يَا عَمِّ: هَلْ تَعْرِفُ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ؟ قَالَ: قُلْتُ:
نعم، وما حاجتك يا ابن أَخِي؟ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يَسُبُّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَئِنْ رَأَيْتُهُ لا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حَتَّى يَمُوتَ الأَعْجَلُ مِنَّا، قَالَ: فَغَمَزَنِي الآخَرُ فَقَالَ مِثْلَهَا: قَالَ: فَعَجِبْتُ لِذَلِكَ،
قَالَ: فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ نَظَرْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ يَزُولُ فِي النَّاسِ فَقُلْتُ لَهُمَا: أَلَا تَرَيَانِ؟ هَذَا صاحبكما الذي تسألان عنه، فابتداره بسيفهما، فَضَرَبَاهُ حَتَّى قَتَلاهُ، ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَخْبَرَاهُ فَقَالَ: «أَيُّكُمَا قَتَلَهُ»؟ فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا قتله، قَالَ: «هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا»؟ قَالا: لا، فَنَظَرَ في السيفين فقال: «كلا كما قَتَلَهُ»
وَقَضَى بِسَلَبِهِ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ، وَهُمَا: [١] مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ، وَمُعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ يُوسُفَ بْنِ الْمَاجِشُونِ فَوَقَعَ لَنَا عَالِيًا [٢] .
وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُقْبَةَ أَنَّ عَبْد اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ وَجَدَهُ مُقَنَّعًا فِي الْحَدِيدِ وَهُوَ مُنْكَبٌّ لا يَتَحَوَّلُ، فَظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أُثْبِتَ، فَتَنَاوَلَ قَائِمَ سَيْفِهِ فَاسْتَلَّهُ وَهُوَ مُنْكَبٌ لا يَتَحَرَّكُ فَرَفَعَ سَابِغَةَ الْبَيْضَةِ عَنْ قَفَاهُ فَضَرَبَهُ فَوَقَعَ رَأْسُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ سَلَبَهُ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ إِذَا هُوَ لَيْسَ بِهِ جِرَاحٌ، وَأَبْصَرَ فِي عُنُقِهِ خدرًا، وَفِي يَدَيْهِ وَكَتِفَيْهِ كَهَيْئَةِ آثَارِ السِّيَاطِ، فَأَتَى النَّبِيّ ﷺ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: «ذَاكَ ضَرْبُ الْمَلائِكَةِ» .
وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَائِذٍ: ثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ: حَدَّثَنِي خُلَيْدٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِرْعَوْنًا، وَإِنَّ فِرْعَوْنَ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو جَهْلٍ، قَتَلَهُ الله شر قتله، قتله ابن عَفْرَاءَ، وَقَتَلَتْهُ الْمَلائِكَةُ، وَتَدَافه ابْنُ مَسْعُودٍ» يَعْنِي أجهز عليه.
قال ابن إسحق: وَقَاتَلَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ الأَسَدِيُّ يَوْمَ بَدْرٍ بِسَيْفِهِ حَتَّى انْقَطَعَ فِي يَدِهِ، فَأَتَى رَسُول الله ﷺ، فأعطاه جذلا [٣] مِنْ حَطَبٍ، فَقَالَ: «قَاتِلْ بِهَذَا يَا عُكَّاشَةُ» فَلَمَّا أَخَذَهُ مِنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ هَزَّهُ فَعَادَ سَيْفًا فِي يَدِهِ طَوِيلَ الْقَامَةِ، شَدِيدَ الْمتنِ، أَبْيَضَ الْحَدِيدَةِ،
فَقَاتَلَ بِهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ ذَلِكَ السَّيْف يُسَمَّى: الْعَوْنَ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ عِنْدَهُ يَشْهَدُ بِهِ الْمَشَاهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَتَّى قُتِلَ فِي الردة وهو عنده.
[(١)] وعند مسلم: والرجلان ...،
وقوله ﷺ: «كلا كما قتله»
تطيبا لقلب الآخر، ولكن من قتله هو من استحق سلبه.
[(٢)] انظر صحيح مسلم كتاب الجهاد والسير باب استحقاق القاتل سلب القتيل (٣/ ١٣٧٢) رقم ١٧٥٢.
[(٣)] الجذل: أصل الشجرة وغيرها بعد ذهاب الفرع.
1 / 305