246

Cuyun Athar

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

Publisher

دار القلم

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٤/١٩٩٣.

Publisher Location

بيروت

فَقَالَ لَهُمْ: أَمَا وَاللَّهِ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ: قَالُوا: مَا نَعْلَمُهُ وَمَا نَشْهَدُ عَلَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيدًا وأتى رسول الله ﷺ نُعْمَانُ بْنُ أضا، وَبَحَرِيُّ بْنُ عَمْرٍو، وَشَاسُ بْنُ عَدِيٍّ، فَكَلَّمُوهُ وَكَلَّمَهُمْ، وَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَحَذَّرَهُمْ نِقْمَتَهُ، فَقَالُوا: مَا تَخَوَّفْنَا يَا مُحَمَّدُ، نَحْنَ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ، كَقَوْلِ النَّصَارَى، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ: وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ الآيَةَ. وَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلامِ مَرَّةً وَحَذَّرَهُمْ عُقُوبَةَ اللَّهِ فَأَبَوْا عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمْ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَسَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَعُقْبَةُ بْنُ وَهْبٍ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ: اتَّقُوا اللَّهَ، فَوَاللَّهِ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَذْكُرُونَهُ لَنَا قَبْلَ مَبْعَثِهِ وَتَصِفُونَهُ بِصِفَتِهِ، فَقَالَ رَافِعُ بْنُ حُرَيْمِلَةَ وَوَهْبُ بْنُ يَهُوذَا: مَا قُلْنَا لَكُمْ هَذَا، وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ بَعْدَ مُوسَى، وَمَا أَرْسَلَ بَشِيرًا وَلا نَذِيرًا بعده، فأنزل الله، وذلك في قولهما: يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ [١] الآيَةَ. وَاجْتَمَعَ أَحْبَارُهُمْ فِي بَيْتِ الْمِدْرَاسِ فَأَتَوْا بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ زَنَيَا بَعْدَ إِحْصَانِهِمَا فَقَالُوا: حَكِّمُوا فِيهِمَا مُحَمَّدًا، فَإِنْ حَكَمَ فِيهِمَا بِحُكْمِكِمْ مِنَ التَّجْبِيَةِ (وَهُوَ الْجَلْدُ بِحَبْلٍ مِنْ لِيفٍ يُطْلَى بِقَارٍ) ثُمَّ نُسَوِّدُ وُجُوهَهُمَا، ثُمَّ يُحْمَلانِ عَلَى حمارين، وجوههما مِنْ قِبَلِ أَدْبَارِ الْحِمَارَيْنِ، فَإِنَّمَا هُوَ مَلَكٌ، فَإِنْ حَكَمَ فِيهِمَا بِالرَّجْمِ فَهُوَ نَبِيٌّ فَاحْذَرُوهُ عَلَى مَا فِي أَيْدِيكُمْ أَنْ يُسْلِبَكُمُوهُ، فَفَعَلُوا، فَمَشَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى أَتَى بَيْتَ الْمِدْرَاسِ فَقَالَ لَهُمْ: «أَخْرِجُوا إِلَيَّ عُلَمَاءَكُمْ»، فَأَخْرَجُوا لَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ صُورِيَا، فَخَلَّا بِهِ يُنَاشِدُهُ: «هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ حَكَمَ فِيمَنْ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانِهِ بِالرَّجْمِ فِي التَّوْرَاةِ»؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ، أَمَا وَاللَّهِ يَا أَبَا الْقَاسِمِ إِنَّهُمْ لَيَعْرِفُونَ أَنَّكَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَلَكِنَّهُمْ يَحْسُدُونَكَ، قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا عِنْدَ بَابِ مَسْجِدِهِ، ثُمَّ جَحَدَ ابْنُ صُورِيَا بَعْدَ ذَلِكَ نُبُوَّةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فأنزل الله: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ [٢] الآيَةَ. وَفِي بَعْضِ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ حبرا منهم جلس يتلوا التَّوْرَاةَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، فضرب

[(١)] سورة المائدة: الآية ١٩. [(٢)] سورة المائدة: الآية ٤١.

1 / 249