190

Cuyun Athar

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

Publisher

دار القلم

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٤/١٩٩٣.

Publisher Location

بيروت

وَأَمَّا الْمُنْذِرُ فَأَعْجَزَهُمْ وَأَفْلَتَ. وَنَمِيَ خَبَرُ سَعْدِ بن عبادة إلى جبير بن مطعم والحرث بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ عَلَى يَدَيْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ بْنِ هِشَامٍ فَأَنْفَذَهُ اللَّهُ بِهِمَا. وَقَالَ ضِرَارُ بْنُ الْخَطَّابِ الْفِهْرِيُّ: تَدَارَكْتُ سَعْدا عَنْوَةً فَأَخَذْتُهُ ... وَكَانَ شِفَاءً لَوْ تَدَارَكْتُ مُنْذِرًا وَلَوْ نِلْتُهُ طُلَّتْ هُنَاكَ جِرَاحُهُ ... وَكَانَ حَرِيًّا أَنْ يهان ويهدرا فأجابها حَسَّانٌ بِأَبْيَاتٍ ذَكَرَهَا ابْنُ إِسْحَاقَ. فَلَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ أَظْهَرُوا الإِسْلامَ وَكَانَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ مِمَّنْ بَقِيَ عَلَى شِرْكِهِ وَكَانَ لَهُ صَنَمٌ يُعَظِّمُهُ، فَكَانَ فِتْيَانٌ مِمَّنْ أَسْلَمَ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ يُدْلِجُونَ [١] بِاللَّيْلِ عَلَى صَنَمِهِ فَيَطْرَحُونَهُ فِي بَعْضِ حُفَرِ بَنِي سَلَمَةَ مُنَكَّسًا رَأْسُهُ فِي عُذْرِ النَّاسِ، فَإِذَا أَصْبَحَ عَمْرٌو قَالَ: وَيْحَكُمْ مَنْ عَدَا عَلَى آلِهَتِنَا هَذِهِ اللَّيْلَةِ؟ ثُمَّ يغدو يَلْتَمِسُهُ، حَتَّى إِذَا وَجَدَهُ غَسَلَهُ وَطَهَّرَهُ وَطَيَّبَهُ، فَإِذَا أَمْسَى عَدَوْا عَلَيْهِ فَفَعَلُوا بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ إِلَى أَنْ غَسَلَهُ مَرَّةً وَطَهَّرَهُ ثُمَّ جاء بِسَيْفِهِ، فَعَلَّقَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ: مَا أَعْلَمُ مَنْ يَصْنَعُ بِكَ مَا أَرَى، فَإِنْ كَانَ فِيكَ خَيْرٌ فَامْتَنِعْ فَهَذَا السَّيْفُ مَعَكَ، فلما أمسى ونام عمرو غدوا عَلَيْهِ وَأَخَذُوا السَّيْفَ مِنْ عُنُقِهِ ثُمَّ أَخَذُوا كَلْبًا مَيِّتًا فَقَرَنُوهُ بِهِ بِحَبْلٍ ثُمَّ أَلْقَوْهُ فِي بِئْرٍ مِنْ آبَارِ بَنِي سَلَمَةَ فِيهَا عِذَرٌ مِنْ عِذَرِ النَّاسِ، وَغَدَا عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ فَلَمْ يَجِدْهُ فِي مَكَانِهِ، فَخَرَجَ يَتْبَعُهُ حَتَّى وَجَدَهُ فِي تِلْكَ الْبِئْرِ مُنَكَّسًا مَقْرُونًا بِكَلْبٍ مَيِّتٍ، فَلَمَّا رَآهُ أَبْصَرَ شَأْنَهُ وَكَلَّمَهُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ قَوْمِهِ فَأَسْلَمَ ﵁ وحسن إسلامه.

[(١)] أي يسيرون في الليل.

1 / 193