184

Cuyun Athar

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

Publisher

دار القلم

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٤/١٩٩٣.

Publisher Location

بيروت

قَالَ: أَحْلِفُ بِاللَّهِ لَقَدْ جَاءَكُمْ أُسَيْدُ بْنُ حَضِيرٍ بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي ذَهَبَ بِهِ مِنْ عِنْدِكُمْ، فَلَمَّا وَقَفَ عَلَى النَّادِي قَالَ لَهُ سَعْدٌ: مَا فَعَلْتَ؟ قَالَ: كَلَّمْتُ الرَّجُلَيْنِ، فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ بِهِمَا بَأْسًا، وَقَدْ نَهَيْتُهُمَا فَقَالَا نَفْعَلُ مَا أَحْبَبْتَ، وَقَدْ حُدِّثْتُ أَنَّ بَنِي حَارِثَةَ خَرَجُوا إِلَى أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ لِيَقْتُلُوهُ، وَذَلِكَ أَنَّهْمُ عَرَفُوا أَنَّهُ ابْنُ خَالَتِكَ لِيُخَفِّرُوكَ، فَقَامَ سَعْدٌ مُغْضَبًا مُبَادِرًا تَخَوُّفًا لِلَّذِي ذُكِرَ لَهُ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ، فَأَخَذَ الْحَرْبَةَ مِنْ يَدِهِ وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَرَاكَ أَغْنَيْتَ عَنَّا شَيْئًا، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْهِمَا، فَلَمَّا رَآهُمَا سَعْدٌ مُطْمَئِنَّيْنِ عَرَفَ أَنَّ أُسَيْدًا إِنَّمَا أَرَادَ مِنْهُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْهُمَا، فَوَقَفَ عَلَيْهِمَا مُتَشَتِّمًا ثُمَّ قَالَ لأَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ: يَا أَبَا أُمَامَةَ، أَمَا وَاللَّهِ لَوْلا مَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ مِنَ الْقَرَابَةِ مَا رُمْتَ مِنِّي هَذَا، أَتَغْشَانَا فِي دَارَيْنَا بِمَا نَكْرَهُ، وَقَدْ قَالَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ لِمُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ: أَيْ مُصْعَبُ: جَاءَكَ وَاللَّهِ سَيِّدٌ مِنْ وَرَاءِهِ مِنْ قَوْمِهِ، إِنْ يَتْبَعْكَ لا يَتَخَلَّفْ عَنْكَ مِنْهُمُ اثْنَانِ، قَالَ: فقال له مصعب: أو تقعد فتسمع، فإن رضيت أمرا قبلته، وإن كرهته عَزَلْنَا عَنْكَ مَا تَكْرَهُ، قَالَ سَعْدٌ: أَنْصَفْتَ، ثم الْحَرْبَةَ وَجَلَسَ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ الإِسْلامَ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ، قَالا: فَعَرَفْنَا وَاللَّهِ فِي وَجْهِهِ الإِسْلامَ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ لَهُمَا: كَيْفَ تَصْنَعُونَ إِذَا أَنْتُمْ أَسْلَمْتُمْ وَدَخَلْتُمْ فِي هَذَا الدِّينِ؟ قَالا: تَغْتَسِلُ فَتَطْهُرُ وَتُطَهِّرُ ثَوْبَيْكَ، ثُمَّ تَشْهَدُ شَهَادَةَ الْحَقِّ، ثُمَّ تَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ، قَالَ: فَقَامَ فَاغْتَسَلَ وَطَهَّرَ ثَوْبَيْهِ، ثُمَّ شَهِدَ شَهَادَةَ الْحَقِّ، ثُمَّ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَخَذَ حَرْبَتَهُ، فأقبل عامدا إلى نادي قومه ومعه أُسَيْدُ بْنُ حَضِيرٍ، فَلَمَّا رَآهُ قَوْمُهُ مُقْبِلا قَالُوا: نَحْلِفُ بِاللَّهِ لَقَدْ رَجَعَ إِلَيْكُمْ سَعْدٌ بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي ذَهَبَ بِهِ مِنْ عِنْدِكُمْ، فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهِمْ قَالَ: يَا بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ: كَيْفَ تَعْلَمُونَ أَمْرِي فِيكُمْ؟ قَالُوا: سَيِّدُنَا وَأَفْضَلُنَا رَأْيًا وَأَيْمَنُنَا نَقِيبَةً، قَالَ: فَإِنَّ كَلامَ رِجَالِكُمْ وَنِسَائِكُمْ عَلَيَّ حَرَامٌ حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا أَمْسَى فِي دَارِ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ رَجُلٌ وَلا امْرَأَةٌ إِلَّا مُسْلِمًا أَوْ مُسْلِمَةً. قَالَ أَبُو عُمَرَ: حَاشَى الأُصَيْرِمِ، وَهُوَ عَمْرُو بْنُ ثَابِتِ بْنِ وَقْشٍ، فَإِنَّهُ تَأَخَّرَ إِسْلامُهُ إِلَى يَوْمِ أُحُدٍ، فَأْسَلَم وَاسْتُشْهِدَ، وَلَمْ يَسْجُدْ لِلَّهِ سَجْدَةً، وَأَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ مِنْ أهل الجنة. رجع إلى ابن إسحق قَالَ: وَرَجَعَ مُصْعَبٌ إِلَى مَنْزِلِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ فَأَقَامَ عِنْدَهُ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى الإِسْلامِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ دَارٌ مِنْ دُورِ الأَنْصَارِ إِلَّا وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ مُسْلِمُونَ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ دَارِ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، وَخَطْمَةَ وَوَائِلٍ، وَوَاقِفٍ، وَتِلْكَ أَوْسُ

1 / 187