Cuyun Athar
عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير
Publisher
دار القلم
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٤/١٩٩٣.
Publisher Location
بيروت
قُبَيْلا، وَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّكَ إِنَّمَا، يُعَلِّمُكَ هَذَا رَجُلٌ بِالْيَمَامَةِ يُقَالُ لَهُ الرَّحْمَنُ، وَإِنَّا وَاللَّهِ لَنْ نُؤْمِنَ بِالرَّحْمَنِ أَبَدًا، فَلَمَّا قَالُوا لَهُ ذَلِكَ، قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْهُمْ وَمَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيُّ وَهُوَ ابْنُ عَمَّتِهِ عَاتِكَةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ: وَاللَّهِ لا نُؤْمِنُ بِكَ أَبَدًا حَتَّى تَتَّخِذَ إِلَى السَّمَاءِ سُلَّمًا ثُمَّ تَرْقَى فِيهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْكَ حَتَّى تَأْتِيَهَا، ثُمَّ تَأْتِيَ مَعَكَ بِمَلَكٍ مَعَهُ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمَلائِكَةِ يَشْهَدُونَ لَكَ كَمَا تَقُولُ، وَأَيْمُ اللَّهِ إِنْ لَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ مَا ظَنَنْتُ أَنِّي أُصَدِّقُكَ. وَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: يَا معشر قريش إني أعاهد الله لأجلس لَهُ غَدًا بِحَجَرٍ مَا أُطِيقُ حَمْلَهُ، أَوْ كَمَا قَالَ: فَإِذَا سَجَدَ فِي صَلاتِهِ فَضَخْتُ [١] بِهِ رَأْسَهُ، فَأَسْلِمُونِي عِنْدَ ذَلِكَ أَوِ امْنَعُونِي، فَلْيَصْنَعْ بَعْدَ ذَلِكَ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ مَا بَدَا لَهُمْ، قَالُوا: وَاللَّهِ لا نُسْلِمُكَ لِشَيْءٍ أبدا فامض لما تريد، فلما أصبح أو جَهْلٍ أَخَذَ حَجَرًا كَمَا وَصَفَ، ثُمَّ جَلَسَ لِرَسُول اللَّهِ ﷺ يَنْتَظِرُهُ، وَغَدَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَمَا كَانَ يَغْدُو،
فَلَمَّا سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ احْتَمَلَ أَبُو جَهْلٍ الْحَجَرَ ثُمَّ أَقْبَلَ نَحْوَهُ، حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْهُ رَجَعَ مُنْهَزِمًا مُنْتَقِعًا لَوْنُهُ مَرْعُوبًا قَدْ يَبِسَتْ يَدَاهُ عَلَى حِجْرِهِ حَتَّى قَذَفَ الْحَجَرَ مِنْ يَدِهِ، وَقَامَتْ إِلَيْهِ رِجَالُ قُرَيْشٍ فَقَالُوا: مالك يَا أَبَا الْحَكَمِ؟ قَالَ: قُمْتُ إُلَيْهِ لأَفْعَلَ مَا قُلْتُ لَكُمُ الْبَارِحَةَ فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُ عَرَضَ لِي دُونَهُ فَحْلٌ مِنَ الإِبِلِ: لا وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ هَامَتِهِ وَلا قَصَرَتِهِ وَلا أَنْيَابِهِ بِفَحْلٍ قَطُّ فَهَمَّ بِي أَنْ يأكلني، قال ابن إسحق: فَذُكِرَ لِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: ذَلِكَ جِبْرِيلُ لَوْ دَنَا لأخذه» .
وذكر في الخبر: بعث قُرَيْشٌ النَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ كِلْدَةَ، وَبَعَثُوا مَعَهُ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ إِلَى أَحْبَارِ يَهُودَ وَقَالُوا لَهُمَا: سَلاهُمْ عَنْ مُحَمَّدٍ وَصِفَا لَهُمْ صِفَتَهُ وَأَخْبِرَاهُمْ بِقَوْلِهِ فَإِنَّهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ الأَوَّلِ وَعِنْدَهُمْ عِلْمٌ لَيْسَ عِنْدَنَا مِنْ عِلْمِ الأَنْبِيَاءِ، فَخَرَجَا حَتَّى قَدِمَا الْمَدِينَةَ وَسَأَلا أَحْبَارَ يَهُودَ فَقَالَتْ لَهُمَا: سَلُوهُ عَنْ ثَلاثٍ، فَإِنْ أَخْبَرَكُمْ بِهِنَّ فَهُوَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَالرَّجُلُ مُتَقَوِّلٌ، سَلُوهُ عَنْ فِتْيَةٍ ذَهَبُوا فِي الدَّهْرِ الأَوَّلِ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ، فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ لَهُمْ حَدِيثٌ عَجِيبٌ، وَسَلُوهُ عَنْ رَجُلٍ طَوَّافٍ قَدْ بَلَغَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا مَا كَانَ نَبَؤُهُ، وَسَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ مَا هُوَ، وَإِذَا أَخْبَرَكُمْ بِذَلِكَ فَاتَّبِعُوهُ فَإِنَّهُ نَبِيٌّ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ رَجُلٌ مُتَقَوِّلٌ، فَأَقْبَلَ النَّضْرُ وَعُقْبَةُ فَقَالا: قَدْ جِئْنَاكُمْ بِفَصْلِ مَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ،
فَجَاءُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِيمَا يَذْكُرُونَ، فَقَالَ ﵇: «أخبركم
[(١)] أي شدخت.
1 / 127