121

Cuyun Athar

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

Publisher

دار القلم

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٤/١٩٩٣.

Publisher Location

بيروت

عَنْهُ، فَعَمِدَ إِلَى نَادِي قَرَيْشٍ، فَجَلَسَ مَعَهُمْ، فَلَمْ يَلْبَثْ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنْ أَقْبَلَ مُتَوَشِّحًا سَيْفَهُ رَاجِعًا مِنْ قَنَصٍ [١] لَهُ، وَكَانَ صَاحِبَ قَنَصٍ يَرْمِيهِ وَيَخْرُجُ لَهُ، وَكَانَ إِذَا رَجَعَ مِنْ قَنَصِهِ لَمْ يَصِلْ إِلَى أَهْلِهِ حَتَّى يَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ، وَكَانَ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَمُرَّ عَلَى نَادِي قُرَيْشٍ إِلَّا وَقَفَ وَتَحَدَّثَ مَعَهُمْ، وَكَانَ أَعَزَّ فَتًى فِي قُرَيْشٍ وَأَشَدَّهُ شَكِيمَةً، فَلَمَّا مَرَّ بِالْمَوْلاةِ وَقَدْ رجع رسول الله ﷺ إِلَى بَيْتِهِ قَالَتْ لَهُ: يَا أَبَا عُمَارَةَ: لَوْ رَأَيْتَ مَا لَقِيَ ابْنُ أَخِيكَ مُحَمَّدٌ آنِفًا مِنْ أَبِي الْحَكَمِ بْنِ هِشَامٍ وَجَدَهُ هَاهُنَا جَالِسًا، فَآذَاهُ وَسَبَّهُ وَبَلَغَ مِنْهُ مَا يَكْرَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ وَلَمْ يُكَلِّمْهُ مُحَمَّدٌ، فاحتمل حمزة الغضب لما أراد الله به مِنْ كَرَامَتِهِ فَخَرَجَ يَسْعَى وَلَمْ يَقِفْ عَلَى أَحَدٍ مُعِدًّا لأَبِي جَهْلٍ إِذَا لَقِيَهُ أَنْ يَقَعَ بِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ نَظَرَ إِلَيْهِ جَالِسًا فِي الْقَوْمِ فَأَقْبَلَ نَحْوَهُ، حَتَّى إِذَا قَامَ عَلَى رَأْسِهِ رَفَعَ الْقَوْسَ فَضَرَبَهُ بِهَا فَشَجَّهُ شَجَّةً مُنْكَرَةً ثُمَّ قَالَ: أَتْشُتُمُهُ، فَأَنَا عَلَى دِينِهِ أَقُولُ مَا يَقُولُ، فَرُدَّ عَلَيَّ ذَلِكَ إِنِ اسْتَطَعْتَ، فَقَامَتْ رِجَالُ بَنِي مَخْزُومٍ إِلَى حَمْزَةَ لِيَنْصُرُوا أَبَا جَهْلٍ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: دَعُوا أَبَا عُمَارَةَ، فَإِنِّي وَاللَّهِ قَدْ سببت ابن أخيك سَبًّا قَبِيحًا. وَتَمَّ حَمْزَةُ عَلَى إِسْلامِهِ وَعَلَى مَا تَبَايَعَ عَلَيْهِ رَسُول اللَّهِ ﷺ مِنْ قَوْلِهِ، فَلَمَّا أَسْلَمَ حَمْزَةُ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَزَّ وَامْتَنَعَ، وَأَنَّ حَمْزَةَ سَيَمْنَعُهُ، فَكَفُّوا عَنْ بَعْضِ مَا كَانُوا يَنَالُونَ مِنْهُ. وَرُوِّينَا عَنِ ابن إسحق قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: حُدِّثْتُ أَنَّ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ وَكَانَ سَيِّدًا قَالَ يَوْمًا وَهُوَ جَالِسٌ فِي نَادِي قُرَيْشٍ وَالنَّبِيُّ ﷺ فِي الْمَسْجِدِ وَحْدَهُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَلَا أَقُومُ إِلَى مُحَمَّدٍ فَأُكَلِّمَهُ وَأَعْرِضَ عَلَيْهِ أُمُورًا لَعَلَّهُ يَقْبَلُ بَعْضَهَا فَنُعْطِيَهُ أَيَّهَا شَاءَ وَيَكُفَّ عَنَّا، وَذَلِكَ حِينَ أَسْلَمَ حَمْزَةُ وَرَأَوْا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يُكْثِرُونَ وَيَزِيدُونَ، فَقَالُوا: بَلَى يَا أَبَا الْوَلِيدِ، فَقُمْ إِلَيْهِ فَكَلِّمْهُ، فَقَامَ إِلَيْهِ عُتْبَةُ حَتَّى جَلَسَ إلى رسول الله ﷺ فقال: يا ابن أَخِي، إِنَّكَ مِنَّا حَيْثُ قَدْ عَلِمْتَ مِنَ السُّلْطَةِ فِي الْعَشِيرَةِ، وَالْمَكَانِ فِي النَّسَبِ، وَإِنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ قَوْمَكَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، فَرَّقْتَ بِهِ جَمَاعَتَهُمْ، وَسَفَّهْتَ بِهِ أَحْلامَهُمْ، وَعِبْتَ بِهِ آلِهَتَهُمْ وَدِينَهُمْ، وَكَفَرْتَ بِهِ مَنْ مَضَى مِنْ آبَائِهِمٍ، فَاسْمَعْ مِنِّي أَعْرِضْ عَلَيْكَ أُمُورًا تَنْظُرُ فِيهَا لَعَلَّكَ تَقْبَلُ مِنَّا بَعْضَهَا، قَالَ: فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قُلْ: «يا أبا الوليد أسمع» قال: يا ابن أَخِي، إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا تُرِيدُ بِمَا جِئْتَ بِهِ مِنْ هَذَا الأَمْرِ مَالا جَمَعْنَا لَكَ من أموالنا حتى تكون أكثرنا

[(١)] أي صيد.

1 / 124