Cuyun Athar
عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير
Publisher
دار القلم
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٤/١٩٩٣.
Publisher Location
بيروت
ذكر دُعَاءُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قومه وغيرهم إلى الإسلام
قال ابن إسحق: ثُمَّ دَخَلَ النَّاسُ فِي الإِسْلامِ أَرْسَالا مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، حَتَّى فَشَا ذِكْرُ الإِسْلامِ بَمَكَّةَ، وَتَحَدَّثَ بِهِ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ ﷿ أمر رسول الله ﷺ أَنْ يَصْدَعَ بِمَا جَاءَهُ مِنْهُ، وَأَنْ يُنَادِيَ فِي النَّاسِ بِأَمْرِهِ وَيَدْعُو إِلَيْهِ، وَكَانَ مُدَّةُ مَا أَخْفَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَمْرَهُ وَاسْتَسَرَّ بِهِ إِلَى أَنْ أَمَرَهُ اللَّهُ بِإِظْهَارِهِ ثَلاثَ سِنِينَ فِيمَا بَلَغَنِي مِنْ بَعْثِهِ، ثُمَّ قَالَ اللَّهُ لَهُ: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ [١] ثُمَّ قَالَ: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ، وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [٢] وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ [٣] فَلَمَّا بَادَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَوْمَهُ بِالإِسْلامِ وَصَدَعَ بِهِ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ لَمْ يَبْعُدْ مِنْهُ قَوْمُهُ، وَلَمْ يَرُدُّوا عَلَيْهِ حَتَّى ذَكَرَ آلِهَتَهُمْ وَعَابَهَا، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ أَعْظَمُوهُ وَنَاكَرُوهُ وَأَجْمَعُوا خِلافَهُ وَعَدَاوَتَهُ ﷺ إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ مِنْهُمْ بِالإِسْلامِ وَهُمْ قَلِيلٌ مُسْتَخْفُونَ، وَحَدِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ، وَمَنَعَهُ وَقَامَ دُونَهُ، وَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُظْهِرًا لَهُ لا يَرُدُّهُ عَنْهُ شَيْءٌ، فَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ أن رسول الله ﷺ لا يَعْتِبُهُمْ مِنْ شَيْءٍ أَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ مِنْ فِرَاقِهِمْ وَعَيْبِ آلِهَتِهِمْ، وَرَأَوْا أَنَّ عَمَّهُ أَبَا طَالِبٍ قَدْ حَدِبَ عَلَيْهِ، وَقَامَ دُونَهُ، وَلَمْ يُسَلِّمْهُ لَهُمْ، مَشَى رِجَالٌ مِنْ أَشْرَافِهِمْ إِلَى أَبِي طَالِبٍ فَقَالُوا: يَا أَبَا طَالِبٍ إِنَّ ابْنَ أَخِيكَ قَدْ سَبَّ آلِهَتَنَا، وَعَابَ دِينَنَا، وَسَفِهَ أَحْلامَنَا، وَضَلَّلَ آبَاءَنَا، فَإِمَّا أَنْ تَكُفَّهُ عَنَّا وَإِمَّا أَنْ تُخَلِّيَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، فَإِنَّكَ على مقل مَا نَحْنُ عَلَيْهِ مِنْ خِلافِهِ، فَقَالَ لَهُمْ أَبُو طَالِبٍ قَوْلا رَفِيقًا، وَرَدَّهُمْ رَدًّا جَمِيلا، فَانْصَرَفُوا عَنْهُ، وَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ على ما هو
[(١)] سورة الحجر: الآية ٩٤. [(٢)] سورة الشعراء: الآية ٢١٤. [(٣)] سورة الحجر: الآية ٨٩.
1 / 117