105

Cuyun Athar

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

Publisher

دار القلم

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٤/١٩٩٣.

Publisher Location

بيروت

حالة ثانية ولا نعارض لِجَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِوُقُوعِهِمَا مَعًا، وَيَكُونُ الإِتْيَانُ فِي النَّوْمِ تَوْطِئَةً لِلإِتْيَانِ فِي الْيَقَظَةِ، وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ ﵇ مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ. وَعَنِ الشَّعْبِيِّ أن رسول الله ﷺ وُكِّلَ بِهِ إِسْرَافِيلُ، فَكَانَ يَتَرَاءَى لَهُ ثَلاثَ سِنِينَ، وَيَأْتِيهِ بِالْكَلِمَةِ مِنَ الْوَحْيِ، ثُمَّ وُكِّلَ به جبرئيل، فَجَاءَهُ بِالْقُرْآنِ وَالْوَحْيِ، فَهَذِهِ حَالَةٌ ثَالِثَةٌ لِمَجِيءِ الْوَحْيِ، وَرَابِعَةٌ وَهِيَ أَنْ يَنْفِثَ فِي رَوْعِهِ الْكَلامَ نَفْثًا كَمَا قَالَ ﵇: «إِنَّ روح المقدس نَفَثَ فِي رَوْعِي أَنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ أَجَلَهَا وَرِزْقَهَا فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ» [١] . وَخَامِسَةٌ وَهِيَ: أَنْ يَأْتِيَهُ الْوَحْيُ فِي مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ، وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ يَسْتَجْمِعُ قَلْبَهُ عِنْدَ تِلْكَ الصَّلْصَلَةِ فَيَكُونُ أَوْعَى لِمَا يَسْمَعُ. وَسَادِسَةٌ وَهِيَ: أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ إِمَّا فِي الْيَقَظَةِ كَمَا فِي لَيْلَةِ الإِسْرَاءِ وَإِمَّا فِي النَّوْمِ كَمَا فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ: أَتَانِي رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ فَقَالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ الْملَأُ الأَعْلَى، وَكَانَ الْمَلَكُ يَأْتِيهِ ﵇ تارة في صورته له ستمائة جَنَاحٍ كَمَا رُوِيَ، وَتَارَةً فِي صُورَةِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، فَهَذِهِ حَالاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ ذَكَرَ مَعْنَاهُ السُّهَيْلِيُّ. وقوله: فغطني، ويروي فسأبني، ويروى سأتثني، ويروى فزعتني، وَكُلُّهَا وَاحِدٌ، وَهُوَ الْخَنْقُ وَالْغَمُّ. وَالنَّامُوسُ: صَاحِبُ سِرِّ الْمَلَكِ، وَقَالَ بَعْضُهُمُ: النَّامُوسُ صَاحِبُ سِرِّ الْخَيْرِ، وَالْجَاسُوسُ صَاحِبُ سِرِّ الشَّرِّ. وَمُؤَزَّرًا مِنَ الأَزْرِ وَهُوَ الْقُوَّةُ وَالْعَوْنُ. وَالْيَأْفُوخُ مَهْمُوزٌ، وَلا يُقَالُ فِي رَأْسِ الطِّفْلِ يَأْفُوخٌ حَتَّى يَشْتَدَّ وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ: الْغَاذِيَةُ. وَفَتْرَةُ الْوَحْيِ لَمْ يذكر لها ابن إسحق مُدَّةً مُعَيَّنَةً، قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ السُّهَيْلِيُّ، وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الأَحَادِيثِ الْمُسْنَدَةِ أَنَّهَا كَانَتْ سنتين ونصف سنة والله أعلم.

[(١)] انظر كنز العمال (٤/ ٩٢٩٠، ٩٣١٢) .

1 / 108