قولهم في الوجه الثاني: أنه كان يسوغ مخالفته كما في غيره من المجتهدين فإن للقائل أن يقول: ولا سواء بل الحالان مفترقان بالطم والرم إذ قد ثبت دليل وجوب اتباعه صلى الله عليه وآله [وسلم] وثبت دليل جواب مخالفة آحد الناس ما خلى من قام على وجوب اتباعه الدليل .
وحه آخر: لوجب أن يجوز أن نخالفه فيما نقل إلينا ولو كان على غير اجتهاد فإن قال قائل:إنه قد قام الدليل على وجوب اتباع قوله .
قلت : الدليل لم يفرق بين قول وقول .
قولهم : لو صح منه صلى الله عليه وآله [وسلم] الإجتهاد لنقل إلينا كما في اجتهادات الصحابة.
قلت: للقائل أن يقول: وجب في آحاد الصحابة؛ لأن المقصود منهم ومن أقوالهم أن يفهم لم قالوا هذا إن كان قولهم صدر عن دليل إبداؤه لننظر فيه إما صح لنا وجب لنا اتباعه وإما لم يصح لم يجز لنا القول به وليس كذلك أقوال النبي صلى الله عليه وآله [وسلم] فإن المطلوب منه أن يعرفنا ويخبرنا والواجب علينا اتباعه وليس علينا أن نعلم أن حكمه صدر عن وحي أو اجتهاد مع ثبوت نبوته وظهور المعجز فلم يستويا.
وأما ما استدل به الإمام الناطق بالحق عليه السلام فلا ريب أنها من أشف ما يستدل به أرباب هذا القول وإنما لقائل أن يقول : إنه إذا حكم باجتهاده بعد أن امر بذلك فكأنه صلى الله عليه وآله [وسلم] حكم بالوحي إذ لم يحكم من غير أمر معلول بالإضرار وإذا قد أمر بامر جاز ذلك كما لو عرف الإمام في شخص أنه مليء بالإجتهاد محيط بما يتوصل إلى الحكم في قضية بعينها أو في قضية لا يعينها ثم قال له : قد فوضت إليك الحكم في هذه فإنه إذا حكم قيل: حكم بأمر إمامه وأضيف إليه الحكم كما فعله صلى الله عليه وآله [وسلم ] مع معاذ فإنه لما صدره إلى اليمن قال: بم تحكم؟ قال: بكتاب الله. قال : فإن لم تجد ؟ قال: بسنة رسول الله. قال : فإن لم تجد ؟ قال: أجتهد رأيي لا آلوا احتياطا .
Page 208