فما أكيل الشام بالراجع للسيد المتبوع والتابع ......من يرجع العام إلى أهله قد كان في هذا لكم عبرة ...
ما ضل رسول الله صلى الله عليه وآله [وسلم] بل اهتدى وما غوى بل رشد كان المشركون يقولون : إن رسول الله صلى الله عليه وآله [وسلم] ضال غاو حين لم يصغ إلى قبول قولهم فقال الله تعالى: {ما ضل} كما زعمتم بل هو الناطق لما أوحى إليه لا ينطق عن الهوى في تبليغ الشرائع وإعلامهم أن أمير المؤمنين عليه السلام الأحق بالإمامة والأقمن بالزعامة .
فصل:
اختلف العلماء هل النبي صلى الله عليه وآله [وسلم] كان متعبدا بالإجتهاد في الأحكام أو لا يحكم إلا بالوحي فذهب الإمام الناطق بالحق أبو طالب : يحيى بن الحسين الهاروني والإمام المنصور بالله - عليهما السلام- إلى أنه لا يجوز أن يكون متعبدا بالإجتهاد وهو قول الشيخين أبي علي وأبي هاشم والشيخ أبي الحسين النصري - رحمهم الله - وذهب الشافعي وأكثر أصحابه وأبو يوسف من الحنفية إلى أنه صلى الله عليه وآله [وسلم] كان متعبدا بالإجتهاد واستدل أهل القول الأول بوجوه:
منها: أنه لو صح ذلك لما كان يصح أن تجعل أقواله صلى الله عليه وآله [وسلم] أصولا ليقاس عليها والمعلوم خلاف ذلك، ومنها: أنه كان يجوز مخالفة اجتهاده كما في اجتهاد غيره إذ كل مجتهد مصيب وهو لا يجوز ذلك ومنها: أنه صلى الله عليه وآله [وسلم] لو كان متعبدا بالإجتهاد لنقل إلينا على وجه يقع به العلم كما نقلت اجتهادات الصحابة، ومنها : ما استدل به الناطق بالحق عليه السلام وهو قول الله تعالى : {وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى} فأخبرنا تعالىأن النبي صلى الله عليه وآله [وسلم] لا ينطق بما يتعلق بالمكلفين بالهوى ما خلا المباحات والصغائر وسرد كلاما له عليه السلام وكان قال في ابتداء الدلالة: إن هذه الدلالة هي القوية المعتبرة .
Page 206