Cunwan Tawfiq
عنوان التوفيق في قصة يوسف الصديق
Genres
عريان أضحى في ثياب الجنان (3) كتاب في الصرف
غلاف كتاب: «مرآة الظرف في فن الصرف».
في عام 1889 نشر تادرس وهبي كتابا مدرسيا أيضا، في 104 صفحة من القطع الصغيرة، بالمطبعة الباهرة ببولاق مصر القاهرة، أسماه «مرآة الظرف في فن الصرف». وجاء على غلافه: إنه مصوغ في قالب جديد، يقرب المراد للمريد! وقد ألفه وهبي بك عندما كان ناظرا لمدرسة حارة السقائين القبطية، ومدرسا للإنشاء والعلوم العربية والفرنسية. وقد كتب المؤلف مقدمته بنفسه، قائلا فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله استأثر كماله بصفات الجلال، وتعالت أفعاله عن النقص والإعلال، أحمده جل في بيداء الجود ثناؤه، وتقدست في فضاء الوجود أسماؤه، وأسلم على أنبيائه المرسلين، أرباب الدراية الذين امتازوا بسلامة القلوب، ونشروا في العالمين أعلام الهداية ففازوا بأعظم مطلوب. ثم أبسط أكف الدعاء في محراب الولاء ببقاء الجناب، الذي لهج كل قائل بحديث علاه، وأفاء ظلاله على كل قائل، وهو القائم بأمر الله عزيز مصر «محمد توفيق باشا»، أطال الله أيامه، وأنفذ في كل ما شاء من المقاصد الخيرية أحكامه، ما جد رسل اليراعة في بث العلوم، وتمثلت مثل البراعة في نث الكلوم. أما بعد، فإن العلم أرجح المناصب التي ينافس فيها البعيد والقريب، وأنجح المآرب التي يعض عليها بالنواجذ كل أريب لا يصدر عن موارده إلا كل ذي ذوق سليم ولا يلم بشوارده إلا كل حفيظ عليم ، فهو مطمح أنظار العقلاء أولي الهمم، ومسرح أفكار الفضلاء من الأمم، وإن لهذه اللغة التي أقيم على أساس البلاغة بناؤها، واستضاء بنبراس صناعة الصياغة أبناؤها، لخصائص مشهورة ومحاسن موفورة، لا يرفرف عليها إلا كل مأثور الكعب، ولا يحوم حواليها إلا من استسهل الصعب، فلا غرو وأن أصبح بيتها المحجوج لمن استطاع إليه سبيلا، وخصمها الممجوج ولو جاء بالبينات قبيلا.
ولطالما جست خلال ديارها، واستطلعت الخفي من آثارها، فكنت أود لو أن بعض الجهابذة من الأساتذة، يلتقط من هذه الفنون الدر المختار، ويستنبط السر المصون من ضمير الاستتار، حتى بعث الله من ناظر المعارف أميرا عليا، أقبل عليها إقبال العارف بشئونها مليا، فأساغ بيد الإحسان من غصتها، وجلا خردها الحسان على منصتها، فأفعمت غرائبها النادرة وعاء كل خاطب، بعد أن كانت صفقتها الخاسرة، لا شهدها حاطب. ولقد أماطت المدارس القبطية حجب الالتباس، وسارت في كل حملية وشرطية على هذا القياس، مرموقة بأنظار السند الأكرم الصادع بمأثور اليقين جيد المراء، والبطريرك المعظم الذي لا يحيط بفضله المبين لسان إطراء.
وحيث إني منوط بتدريس هذه اللغة في إحداها، وقد أطلت لتوفير هذه البلغة
5
في كل شأو مداها، عن لي أن أشرح صدر الصدور، وإن كنت في قصر من القصور، فاستوعبت فرائد الجزالة في ظرف، وألفت هذه الرسالة في فن الصرف، فجاءت ولله الحمد سهلة الترتيب، واضحة التبويب، عقبت جميع فصولها بفوائد جديدة، وعوائد صلات موصولها مفيدة، أوردت فيها من الحكم المشروعة آيات، ومن الأحاديث المرفوعة بينات، وعززتها بالجم الغفير من كلام البلغاء وأمثال الحكماء، مما يحتازه أخو الأرب درا ثمينا، ويكون للإلمام بعلوم العرب ضمينا. وقد وسمت مؤلفي هذا «مرآة الظرف في فن الصرف»، والله أسأل أن يتقبله بقبول حسن، وأن ينفع به أولي الفطن، لا سيما أبناء الوطن، إنه أكرم مسئول وأعظم مأمول.
ولما كان من العادة التي تتأيد بها السعادة، أن من حذا حذو الألباء، ونسج في تأليفه على منوال الأدباء، أهداه لبعض ذوي المآثر المأثورة، والمفاخر المذكورة المشكورة ، ممن يقدر المؤلف وما فيه، ويستطلع بقريحته النقادة وفكرته الوقادة طلع خافيه. وكان الأمير الأصيل، رب المجد الأثيل، صاحب الدولة «عباس بك» ولي عهد مسند الخديوية الشريف، وحامي حمى مصر المنيف، خير من اقتعد في هذا الوقت الحالي، سنام كل غاية، وتلقى عن والده الكريم حديث المعالي، دراية ورواية، تعين علي تقديم هذا الكتاب إليه، وأن أتشرف بعرضه عليه، حتى يفوز بلثم أعتابه، ويكون رسمه بعنوان جنابه، أدام الله إجلاله وكلأ كماله، إنه على ما يشاء قدير، وبإجابة هذا الدعاء جدير.
ويلاحظ على هذه المقدمة، أن المؤلف تحدث بالمدح عن الخديوي توفيق ومآثره الحميدة، وعن ناظر المعارف علي باشا مبارك كذلك، كما أوضح شكره وامتنانه للبطريرك كيرلس الخامس. وأخيرا أهدى كتابه إلى الأمير عباس حلمي الثاني ولي العهد. هذا بالإضافة إلى ما جاء في المقدمة من أن المؤلف كان يتمنى ألا يقحم مجال الصرف ويؤلف فيه كتابا مدرسيا، وكان يتمنى أن يقوم بذلك أحد جهابذة هذا العلم من المعاصرين له! وهذا وإن دل فإنما يدل على أن هذا الكتاب، يعتبر - كنظيره السابق في النحو - من أوائل الكتب المدرسية المؤلفة في هذا العلم في العصر الحديث، إن لم يكن أولها بالفعل.
Unknown page