Cunwan Tawfiq
عنوان التوفيق في قصة يوسف الصديق
Genres
1
وعلى الرغم من كثرة هذه المؤلفات، إلا أن هناك مؤلفات أخرى لم تذكرها هذه المراجع، مثل كتاب: «ترجمة الأمير الجليل المرحوم عريان بيك أفندي». ومهما يكن من الأمر، فأغلب هذه المؤلفات مفقود، ولا وجود له على الإطلاق! فقد أصبحت معظم هذه المؤلفات مجرد أسماء محفوظة في بعض المراجع! ولا نعلم فحواها ولا تفاصيل صفحاتها العتيقة! والبقية الباقية من أسماء هذه المؤلفات، والتي ما زالت محفوظة بفهارس بدار الكتب المصرية، ما هي إلا مجرد بطاقات تحمل أسماء هذه الكتب، وغير مسموح بتصويرها، رغم وجودها الفعلي، بسبب قدمها وتآكلها، وعدم صلاحيتها للتصوير!
وأمام هذا الأمر، بذلت جهدا كبيرا بمساعدة الدكتور سامح مهران رئيس المركز، والأستاذ رضا فريد يعقوب مدير إدارة التراث بالمركز، ومساعدته الأستاذة رانيا عبد الرحمن، للحصول على إذن كتابي بتصوير بعض مؤلفات تادرس وهبي، بكاميرا خاصة، بعد مكاتبات ومراسلات رسمية كثيرة! وبسبب هذا العناء، ولثقتي الكبيرة في استحالة تكرار هذه المحاولة من قبل الباحثين في المستقبل، سأصف هذه المؤلفات مرتبة حسب تاريخ نشرها. مع ذكر أغلب مقدماتها ومدائحها وتقاريظها الواردة فيها، ما عدا وصف مسرحية «يوسف الصديق»، الذي سيحتل الصفحات الأخيرة من هذه الدراسة. (1) كتاب في النحو
ألف تادرس أفندي وهبي، عندما كان مدرسا للغتين العربية والفرنسية بمدرسة حارة السقائين، كتابا مدرسيا، أطلق عليه اسم «الخلاصة الذهبية في اللغة العربية»، ونشره في يونيو عام 1875، ولعله أول كتاب يؤلفه. وقد كتب إبراهيم عبد الغفار تصديرا لهذا الكتاب، قال فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد الواهب العطية، والصلاة والسلام على خير البرية. أما بعد ... فالإنصاف نصف الدين، والتعسف من شأن المتعنتين، وأداء الشهادة أمر واجب ولو مع اختلاف الدين . فمنح الشهادة الخالصة لكل ذي فضيلة علمية أو أدبية من شيم أرباب الأخلاق المرضية. ولذا سوغ لي الميل إلى الرجوع إلى الحق في الجملة - بقطع النظر عن الاختلاف في الجنس والملة - أن أهنئ الشاب النجيب البارع الأديب، الآخذ من الاجتهاد العلمي بنصيب، حتى انتظم في سلك معلمي اللغة العربية، وصار ذا فكر مصيب وسير جميل عن مهارته ينبي، جناب تادرس أفندي وهبي معلم اللغتين الفرنساوية والعربية بإحدى مدارس الأقباط المصرية، بأنه قد أجاد في تأليف هذه الرسالة، بفكرته الذكية السيالة، حيث أبرز فيها كثيرا من قواعد النحو، على صورة السؤال والجواب، غير حائد عن طريق الصواب. فهي رسالة مختصرة مفيدة، ذات فوائد ابتدائية عديدة، نافعة لكل طالب، بغية لكل راغب، فناهيك به باذلا نفسه لنفع أبناء جنسه. وحيث إن هذه منفعة قدمها بيديه، فلا بأس بإدخال السرور عليه، فهو ممدوح على هذه الفعلة، ولا يذمه إلا ذو غفلة. والحمد لله في البدء والختام، والصلاة والسلام على أشرف الأنام، محمد وآله وصحبه الكرام، ما طلعت ذكاء، ودرجت الظباء. قاله بلسانه، وكتبه ببيانه، راجي غفر الأوزار، إبراهيم عبد الغفار.
ومما يلاحظ على هذا التصدير، شيوع السجع والصنعة اللفظية في أسلوب كتابته، وهو أسلوب شائع في كتابات القرن التاسع عشر. كما أن كاتبه من المسلمين، ولعله أحد المشاهير المغمورين. ومن المحتمل أنه كان مدرسا للعلوم العربية، بدليل كتابته لتصدير خاص بكتاب في علم النحو. ومن أهم ما جاء في هذا التصدير أسلوب التسامح الديني الذي أوضحه الكاتب؛ حيث أكد على أن شهادته بنبوغ ومهارة المؤلف شهادة حق وإنصاف رغم اختلاف الملة والدين.
أما تادرس وهبي، فقد كتب مقدمة لكتابه هذا، قال فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الفاعل المختار، الذي بيده الرفع والخفض، وهو العزيز القهار. أحمده حمدا يعرب عن صدق حب، سلم جمعه من التكسير، وأشكره شكرا تحرك عوامله ما سكن في صميم الضمير. وأصلي وأسلم على خيار الأنبياء والمرسلين، الذين خفضوا جناهم لمن اتبعهم من المؤمنين. أما بعد، فإنه لشمول العدالة الخديوية كل حاضر وباد، وانتشار فضائلها على كافة العباد، وإشراق الديار المصرية بأنوار العلوم والمعارف، وتعزيزها بالمنافع واللطائف. ففضائلها ظاهرة لا تنكر، وفواضلها الزاهرة أجل من أن تذكر. ولكوني ممن غمرته هذه المراحم، وشملته تلك المكارم، أحببت أن أقدم خدمة لأبناء وطني المصريين، ولا سيما الأمة القبطية، الآخذة بالعناية الخديوية في أسباب التمدين. فوضعت هذه النبذة اللطيفة، والنخبة المختصرة المنيفة، وجعلتها عن طريق السؤال والجواب، لتسهيل تناولها على الطلاب، متجنبا فيها التقصير المخل، والتطويل الممل، مع فوائد جمة وزوائد مهمة، فجاءت بحمد الله في فن النحو واسطة عقده وخلاصة نقده، وسميتها الخلاصة الذهبية في اللغة العربية. وهذا أوان الشروع في المقصود، بعون الملك المعبود، فأقول وعلى الله القبول.
ومما يلاحظ على هذه المقدمة - بخلاف إشادة تادرس وهبي باهتمام الخديوي إسماعيل بالمدارس القبطية، وإنعامه عليها ورعايته لها في هذا الوقت - شيوع الأسلوب الإسلامي فيها! فكفى بتادرس وهبي أن بدأ خطبته بالبسملة، ثم استخدم أسماء الله الحسنى (العزيز القهار). كما أن قوله «وأصلي وأسلم على خيار الأنبياء المرسلين»، قول لا ينطبق إلا على محمد
صلى الله عليه وسلم ، على الرغم من عدم ذكر اسمه صراحة. هذا بالإضافة إلى استخدامه معاني بعض الآيات القرآنية، عندما قال: «الذي بيده الرفع والخفض»، وهذا القول مأخوذ من معاني آيات قرآنية كثيرة، منها على سبيل المثال:
Unknown page