Maghul al-ʿunwan fi latif al-kalam
مجهول العنوان في لطيف الكلام
Genres
لو وجد عن سبب لكان ذلك المعنى لا جهة له لأنه كان يجب أن يكون من جنس الاعتماد، والاعتماد لو ولد الجوهر لصح أن نفعل الجوهر، لأنا نقدر على الاعتماد وذلك لا يصح. فإذا كان يجب أن يكون المعنى لا جهة له وجب كونه موجودا بحيث الجوهر حتى يولد، وإلا لم يكن بأن يولد جوهرا في جهة أولى من أن يولد جوهرا في جهة أخرى، وفي ذلك وجود ما لا نهاية له. ولو كان موجودا بحيث يوجد الجوهر، فإن وجد الجوهر معه في الحال فقد حله، فالحال يستحيل وجوده لا في محل، والسبب يجب وجوده مع عدم المسبب، وإلا بطل
كونه سببا له ولم ينفصل من المسبب ما يقتضي كون أحدهما سببا والآخر مسببا. وإن لم يوجد الجوهر معه فليس هو حال، فكان لا يختص بتلك الجهة، إذا لم يكن من قبيل الجواهر. وقد بينا أنه لا يصح كون الجوهر مولد للجوهر، فإذا كان ذلك المعنى، لو ولد الجوهر، لم يكن من قبيل الجوهر، فكان يجب أن لا يختص بجهة دون جهة لم يكن بأن يولد جوهر فيجهة أولى من أن يولد جوهرا في آخر. وقد قيل في هذا الوجه الآخر: إنه كان يجب لو كان يولد الجوهر في الثاني بحيث هو أن يكون منتفيا، متى لم يصير حالا، إذا وجد الجوهر في بقائه بحيث هو وذلك لا يصح، وأنه لا يمكن أن يقال: إن المعنى يفنى في الثاني فيوجد الجوهر مع عدمه وأن يجري المعنى مع الجوهر مجرى النظر مع العلم، فإن النظر يوجد في الأول
ويعدم في الثاني يتولد العلم، وذلك أن في حال التولد وفي حال وجود المتولد كان لا يكون اختصاص، فكان لا يكون بأن يحصل التوليد في جهة أولى من أن يحصل التوليد في أخرى، والنظر وإن عدم في حال وجود ما يتولد عنه فقد حصل اختصاص، إذ قد جمعهما محل واحد، فهو كان العلم كالسواد إذا وجد في محل قد كان فيه البياض أنه مناف للبياض لأن محلا واحدا قد جمعهما، والأول كالسواد لو كان موجودا لا في محل ثم وجد البياض أنه كان ينفيه. ويمكن أن يقال: إن الجهة الواحدة تجري مجرى المحل الواحد، فيوجد الجوهر بحيث وجد المعنى، لو صح وجود المعنى في جهة وإن لم يكن من قبيل الجواهر، والسواد والبياض أيضا حصول أحدهما بحيث حدث الآخر، لو صح ذلك يجري مجرى أن يجمعهما محل واحد. ولذلك كان لا
يكون كذلك ونحن نرجع في مضادة السواد للبياض الحال في محله إلى أنه لو لم ينفيه لكان واحد منهما يدرك بحيث يدرك الآخر، وذلك يقتضي حصول أحدهما بحيث يحصل الآخر. وإلم يكن محل لحصوله بحيث هناك محل، والمعتمد في ذلك ما قدمناه. أيضا معنى من المعاني لو ولد جوهرا لكان يولد الكون، وإلا كان الجوهر قد وجد ولا كون، ولو ولد المعنى الكون لكان قد شارك الاعتماد في توليده له، فكان يجب أن يشاركه الاعتماد في توليد الجوهر، وذلك لا يصح. ولا يمكن أن يقال: إن الفاعل للجوهر إذا دعاه الداعي إلى إيجاد الجوهر، فيفعل ما لا يتم وجوده إلا معه وهو الكون، لأنه كان يستحيل أن لا يفعل ذلك ويفعل السبب. ولا يمكن أن يقال: إن وجود الكون شرط في
توليد الجوهر لأن المولد يجب أن يكون له تأثير في الشرط، لذلك كان انتفاء الصحة شرط في توليد الألم دون غيره لما كان التفريق يؤثر في انتفاء الصحة دون غيره. وكذلك القول في المصاكة التي هي شرط في توليد الاعتماد، وكذلك القول في مماسة محل الاعتماد لمحل الكون، والذي لا يتم فيه هذا الوجه النظر، فإن العلم بالدلالة على الوجه الذي تدل لا يؤثر النظر فيه. وقد ذكر في المغني على ما أظن أنه يمكن أن يقال: إن النظر يولد الاعتقاد، فإن كان الناظر عالما بالدليل على الوجه الذي يدل، كان الاعتقاد علما، وإلا فلم يحصل على هذا الوجه العلم بالدلالة على الوجه الذي تدل شرطا في التأثير. أيضا الجوهر لو ولده معنى لصح أن يولده ما لم يعقل وما يعقل إما القديم تعالى أو الجوهر أو
الأعراض المعقولة. والقديم تعالى لا يصح أن يولد شيئا، لأن ذلك نفي تقدمه للمحدثات بما لا أول له من الأوقات، لو كان أوقاتا، وفيه أيضا نفي تعلق المعنى المتولد بالمحدث لأنه كان لا يكون متعلقا بالفاعل بنفسه ولا بواسطة. والجوهر لو ولد جوهرا وجب وجود ما لا نهاية له، لأن الجوهر الثاني كان يجب أن يولد جوهرا آخر. وعلى هذا كان يكون توليد الكل في الحال، لأنه لا مقتضي للتراخي، فيفارق ما نقول: إن الاعتماد يولد الاعتماد في الثاني ويولد إلى أن يحصل منع مع أنه كان يجب أن لا يكون الجوهر المتولد عنه بأن يتولد في جهة أولى من أن يولد في أخرى، لأنه إذا لم يولد بحيث السبب ولا يصح ذلك فيه ولا جهة للمسبب ولا
مخصص. والأعراض التي تحل الجوهر لو ولد أحدها الجوهر لكان يولد في محله، وذلك يؤدي إلى أن يكون قد ولد ما لا يصح وجوده إلا معه. ولا يمكن أن يقال: إن الاعتماد يولد الجوهر، فيولد جوهرا في جهة ولا يجب كونه مولدا لمحله، لأن الاعتماد لو ولد الجوهر لصح أن يفعل الجواهر، إذ يقدر على أجناس الاعتمادات وما يوجد لا في محل من الأعراض وهو الإرادة والكراهة والفناء لو ولدت الجوهر لكانت إنما تولده لتعلقه به، فكان يجب في إرادتنا مثل ذلك وما يحل المحل قد بينا أنه لا يصح أن يولد الجوهر والسبب من حقه أن يولد المسبب لما هو عليه ولا يختص بعض الجنس بأن يولد دون بعض. وكيف يصح فيما يجانس الإرادة الموجودة لا في محل أن يمتنع
فيه التوليد، ولا يمكن أن يقال أنه قد حصل فيما منع، إذ هو حاله في المحل، لأن المنع يجب صحة ارتفاعه والألم ينفصل ما هو منع مما ليس بمنع ولمثل ذلك لا يصح في الكراهة أن تكون مولدة للجوهر. والفناء لو ولد للجوهر لكان قد ولد ما يضاده وموضوع الضد أن يمنع من الضد. فكيف يصح أن يولده مع أن الفناء والإرادة والكراهة لا يصح كونها في جهات، فيتولد الجوهر بحيث هي.
الفصل التاسع والسبعون في أن الجوهر لا يصح كونه مقدورا بقدرة
لو صح فعل الجوهر بقدرة لصح فعله بقدرنا لأن القدر وإن اختلفت فلا تختلف مقدوراتها، وإن ما في اليمين بخلاف ما في اليسار لتغاير متعلقهما. لو كان جنس يصح أن يفعل بأحدهما يصح أن يفعل بالأخرى وجب ما قلنا
Unknown page