Maghul al-ʿunwan fi latif al-kalam
مجهول العنوان في لطيف الكلام
Genres
فأما أن الجواهر إذا أعيدت، فلا تكون معادة إلا لمعنى. فإذا ثبت بما نبينه من بعد أن المحدث لا يصح أن يكون محدثا لعلة صح مثله في المعاد لأن كون المعاد معادا إنما ينبئ عن وجوده بعد وجود تقدم وبواسطة عدم، فلا صفة ولا حكم زائد على الحدوث. فليس ما قلناه: إنه لا يعلم معادا ولا يعلم ما ذكرناه ولا يعلم معادا. ولو كان المعاد معادالمعنى
لم يمتنع وجود ذلك المعنى في المبتدأ حتى يكون معادا، وفي الأعراض ما قد ثبت صحة إعادته مع استحالة تعلق المعاني بها وحلولها فيه، ولا يمكن أن يقال: إن الأعراض معادة لا لمعنى والجواهر معادة لمعنى كما قلتم في كون العالم عالما أنه قد يستحق لمعنى ولا لمعنى لأن الصفتين المثلين لا يصح كونهما مستحقين على حد واحد، وأحدهما لمعنى والآخر لا لمعنى. ولو ذلك لم يمتنع مثله في كون الكائن كائنا في الجهات وإنما لا يصح الافتراق في جهة الاستحقاق، إذا لم تكن الصفتان مثلين، إذا افترقا في جهة الاستحقاق يكون العالم عالما قد يجب وقد لا يجب، فالصفتان تفترقان في جهة الاستحقاق. ولا يمكن أن يقال أنه لما صح وجوده وهو غير معاد ووجوده وهو
معاد فلا بد من معنى لأن الذي تجدد للمعاد في الحال ليس إلا الوجود. وما عدا ذلك مما يفيده الوصف بأنه معاد وهو تقدم وجود وتوسط العدم متقدم فلا يتجدد أمرا زائدا على الوجود في الحال، فيقال: لما تجدد ذلك ولم يكن متجددا مع الحالين، فلا بد من معنى، وإلا بطل طريق إثبات المعنى.
الفصل السابع والسبعون في أن الجوهر لا يصح أن يكون موجبا عن علة
لو كان محدثا لمعنى لوجب في الحدوث مثله، لأن ما يقتضي ذلك في الجوهر لو كان له مقتضى حاصلا في الحدوث وليس المعتبر في ذلك إجراء الوصف على الشيء بأنه محدث، فيقال: إنه لا يقول في الحدوث أنه محدث وإنما المعتبر هو المعنى. ومثل ما قد حصل للجوهر من الوجود عن عدم كان قد حصل لذلك المعنى.
فإنه لو كان معدوما لم يختص الجوهر ولم يكن بأن يوجب الحدوث في الوقت الذي حدث فيه أولى من أن يوجبه من قبل، لأن العدم لا ابتداء له، ولو كان قديما لكان الجوهر قديما. أيضا لو اقتضى حدوث الجوهر معنى لوجب مثله في السواد وغيره. ولو كان السواد حادثا لمعنى لحله المعنى، لأن غاية ما يمكن أن يقال أنه يحصل لو لم يحل محله. ولو كان كذلك لكان علة الحدوث تحله لأن اختصاصه به أبلغ. وفي ذلك بطلان المحل ببطلان ما يحله لأنه كان ما له حدث قد بطل، وفي ذلك استحالة وجود البياض في المحل الذي كان فيه السواد. ولو كان المحل لا يبطل ولم يكن ذلك المعنى علة لحدوث المحل وكان يختص بكونه علة لحدوث السواد، لم يمتنع مع وجود الكون في المحل أن يخلو من الألوان بأن يعدم
من المحل المعنى الذي لوجوده كان السواد موجودا. ولا يجب أن يخلفه لون آخر لأن القادر عليه يصح أن يفعل وأن لا يفعل ويكون مثل ذلك في الأكوان. أيضا الجنسين لا بد من انفصالهما من الجنس الواحد والحدوث والمحدث الذي هو المعلول على هذا القول جنسين، فيجب لو كان صحة وجوب الحدوث مع عدم جنس المعلول، إذ صحة وجود جنس المعلول مع عدم الحدوث وجنس الحدوث لو وجد ولا معلول، فقد حصلت العلة ولا معلول وجنس المعلول لو حدث ولا علة فوجه الحاجة إلى الحدوث حاصل ولا علة. أيضا قد اعتمد في ذلك على أن في تعلق المحدث بحدوث نفي تعلقه بالفاعل، لأن ما تعلق بعلة فلا تؤثر فيه أحوال الفاعل وهو تابع للعلة، فإنما يحصل الفاعل شرط. فإذا حصل الشرط فالصفة تحصل
عن ذات العلة، لا عن الشرط، والسبب لا يوجب المسبب، والمسبب تابع لحال القادر، وإنما ذلك كالآلة. ولو كان موجبا لما صح فيه المنع والسبب مفارق لمعلول العلة في التعلق بالفاعل. أيضا معنيين، إذا كان حدوثهما معا وكان عدمهما معا ولا انفصال لأحدهما من الآخر بوجه معقول سوى ما ذكرناه، فإن أحدهما لو كان علة الآخر وجب كون الآخر علة له، والمحدث لو كان محدثا بحدوث لكان لا يصح وجود المعنى إلا مع وجود ذلك المحدث ولا وجود ذلك المحدث إلا مع وجود المعنى لأن في الأول حصول العلة ولا معلول وفي الثاني حصول المعلول على حد يقتضي العلة بلا علة. وقد علمنا استحالة كون كل واحد من
المعنيين علة للآخر.
الفصل الثامن والسبعون في أن الجوهر لا يصح وجوده عن سبب
Unknown page