Maghul al-ʿunwan fi latif al-kalam
مجهول العنوان في لطيف الكلام
Genres
قد علمنا أن التأليف يدوم وجوده وإلا لم تستمر الحال في كون المؤلف مؤلفا على ما قد استمر الحال عليه، إذا
بعد البناء أو عجز، لأن غيره لا يجب أن يوجد التأليف حالا فحالا، بل لا يمتنع أن يفعل. ومتى علمنا باستمرار حال الحديد الذي يؤلف أو ما يجري مجراه وإن في الثاني لا تفترق الأجزاء على طريقة واحدة دلالة على بطلان هذا القول في التأليف. وإن لم يستمر الوجود بالجوهر وكان يتجدد حالا فحالا لكان لا شيء يقتضي ذلك فيه إلا وهو حاصل في التأليف وما يجري هذا المجرى. أيضا لو كان الموجد يوجد الجوهر حالا فحالا لم يمتنع أن يوجد في الحال الثاني بالصين وإن كان في الوقت الثاني ببغداد لأن وجوده إذا تعلق به جرى مجرى تعلقه به في الأول وهو في الأول إن شاء أوجده بالصين. فلو كان كذلك لم تنفصل حاله من حاله لو كان قاطعا لتلك الأماكن
أو كان قد طفر لأن الحال لو كان على ما ذكرناه لم يكن إلا أنه مع الوجود في حالين هو في أحدهما ببغداد وفي الآخر بالصين، وهذا حاله وقد أوجده الموجد بالصين بعد ما كان ببغداد بلا فصل. وقد علمنا استحالة قطعه الأماكن في حاله واستحالة الطفر، فصح أن الجوهر لا يتجدد وجوده حالا فحالا.أيضا لو كان تعالى يوجد الجوهر حالا فحالا لكان موجد الأكوان لأن ذلك لا ينفصل من وجوده وحالهما أبلغ من حال السبب والمسبب الذي يصح أن ينفصلا بأن يحصل منع والسبب والمسبب متعلقين بفاعل واحد. وإذا وجب أن يكون تعالى قد صيره كائنا في كل جهة يحصل هو فيها، فيجب أن يكون فاعلا للكون لأن ذلك أبلغ من المسبب والسبب والفاعل للمسبب هو فاعل السبب. ولو كان تعالى
يقصد إلى إيجاد الكون في جهة أحدنا لكان الداعي يدعوه إلى أن يوجد القدر الذي معه لا يصح أننمنعه ولا يمكن أن يقال: مع قصده إلى إيجاد هذا القدر، لو حاولنا خلافه لوقع. وفي ذلك كونه تعالى ممنوعا فلا تتغير الحال بأن يكون المعلوم أنا نحاول ذلك أو لا نحاول. ولو كان يوجد في أحدنا الكون على الحد الذي ذكرناه في المحاذيات لما كان حال أحدنا حال المتحيز ولما استحق المدح والذم لأنه لم يوجد الكون في محاذاة أخرى، إذا كان ذلك قبيحا أو على الصفة التي من حق ما اختص بها أن يستحق به المدح مع زوال الموانع.
الفصل التاسع وستين في أن التزايد في الوجود لا يصح
التزايد لو صح في الوجود لصح من أحدنا أن يوجد مقدور غيره بأن يحصل له صفة أخرى في الوجود. ومع صحة التزايد في الوجود يجب لأنه كان لا يكون عن ذلك وجه مانع. ولو صح ذلك لصح أن يجعل كلامه خبرا أو أمرا لأن وجوده في أنه متعلق به كتعلقه بذلك الغير. فكان يجب أن يكون لفقده فيه تأثير لأنه كان يكون مقدورا له كما أن لقصد الغير تأثيرا. وفي تعذر ذلك دلالة على بطلان هذا القول. أيضا لو صح ذلك لصح من أحدنا في الثقيل الذي حمله أن يوجد ما أوجده من ثقله بأن يحصل لذلك الفعل في حال بقائه صفة أخرى في الوجود، فكان لا يمتنع إذا حاول ذلك أن يلحقه من المشقة مثل ما لحقه في الأول لأنه
كان يكون موجدا ذلك الثقيل في الحالين. وكذلك القول في تفريق الصلب الذي يلحقه به مشقة. أيضا الفاعل وإن لم يكن علة فهو في حكم العلة لأن الوجود إليه يرجع. فكما لا يصح في العلة الواحدة أن توجب إلا صفة واحدة، فكذلك لا يصح من الجاعل أن يجعل لمقدوره صفتين. وليس يمكن أن يقال أن هاتين الصفتين يتعلقان بكونه قادرا على أحدهما ليس هو كونه قادرا على الأخرى، فحالهما كحال العلتين، وذلك أن كون القادر قادرا إنما يؤثر في صحة وجوده. فأما وجود الفعل فهو متعلق بالفاعل. أيضا لا يصح القول بأن الذات على صفة
لا طريق إلى العلم بحصولها لأن ذلك يؤدي إلى أن لا نأمن في كل مثلين أن يكونا مختلفين بأن يختص أحدهما بصفة دون الآخر، هذا حالها. ولا يمكن أن يقال أن ذلك يمتنع لأن الصفة كانت لا تكون معقولة، لأنه يمكن أن يقال أن الصفة تكون معقولة بحكمها وقد صح كون الجوهر وغيره على صفة في العدم لما كان مخالفا لغيره على ما بيناه فيما تقدم والمعنى الذي هو الفناء قد دخل في كونه معقولا بانتفاء الجواهر. فلو صح القول بأن الذات على صفة لا طريق إلى اختصاصها لا يمكن أن يقال: إن ما يقوله أنهما متماثلان مختلفان. ويستبد أحدهما بما ليس للآخر والصفة معقولة
مخالفا لما قلتم بأن الجوهر على صفة لما كان مخالفا لغيره.
الفصل السبعون في أن كونه باقيا لا يرجع به إلا إلى استمرار وجوده
Unknown page