بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ أبو طاهر إسماعيل بن خلف بن سعيد النحوي المقرىء رضي الله تعالى عنه: الحمد لله الذي أنشأنا بقدرته، وهدانا للإسلام وفطرته وفضلنا بمحمد وشريعته صلى الله عليه وعلى عترته.
أما بعد:
فإني ذاكر في هذا الكتاب - إن شاء الله - ما اختلف فيه القراء السبعة المشهورون من أئمة الأمصار بإيجاز واختصار ليقرب على المتحفظين المعنيين بهذا الشان دون الأغمار المبتدئين والغلمان، إذ كنت قد جعلت كتابي المترجم ب " الاكتفاء " كافيا للمتناهي والمبتدي، فبسطته بسطا لا يشكل على ذي لب سوي، فجعلت هذا المختصر كالعنوان والترجمة عنه، لمن مارس هذا الشأن وعني تفسير آية بخدمته.
فإذا اختلف القراء على ترجمتين في الحرف، ذكرت ترجمة الأقل منهم، وأمسكت عن ذكر الباقين، تقليلا للفظ، وتوطئة للحفظ.
1 / 39
وإذا اختلفوا على ثلاث تراجم فأكثر، ذكرت جميعها خيفة اللبس والإشكال، واضربت عن ذكر أسانيدي في هذا المختصر، إذ كنت قد بينتها في كتاب " الإكتفاء " فمن أراد شيئا منها التمسه هناك إن شاء الله تعالى.
وإياه نسأل العصمة والتوفيق ونستهديه قصد الطريق بمنه ولطفه.
باب ذكر الأئمة السبعة
وهم: عبد الله بن كثير المكي، ونافع بن أبي نعيم المدني، وعبد الله بن عامر الشامي، وأبو عمرو بن العلاء البصري، وعاصم، وحمزة، والكسائي الكوفيون.
ذكر الرواة عنهم، والرواة المشهورون عن هؤلاء السبعة أربعة عشر رجلا.
فعن ابن كثير: البزي، وقنبل.
وعن نافع: ورش، وقالون.
وعن ابن عامر: ابن ذكوان، وهشام.
وعن أبي عمرو: أبو عمر الدوري، وأبو شعيب السوسي.
وعن عاصم: أبو بكر، وحفص.
وعن حمزة: خلف، وخلاد.
وعن الكسائي: أبو الحارث، وأبو عمر الدوري.
فصل
فإذا قلت الحرميان فهما: ابن كثير ونافع.
وإذا قلت: الإبنان فهما: ابن كثير وابن عامر.
وإذا قلت: الأخوان فهما: حمزة والكسائي.
1 / 40
وإذا قلت: الأبوان فهما: أبو عمرو وأبو بكر عن عاصم.
وإذا قلت: النحويان فهماك أبو عمرو والكسائي.
وإذا قلت: الكوفيون فهم: عاصم وحمزة والكسائي فاعلم ذلك.
باب اختلافهم في الأصول المطردة
عَلَيهِمُ وَإِليهُم وَلَديهُم ... حَمزَة يَضُمُ الهاءَ في هَذه
الثلاث في جميع القرآن، ووافقه الكسائي على ضم الهاء فيهن، إذا لقي الميم ساكن نحو: " عليهم الذلة " و" إليهم اثنين " فإذا وقفا على هذه الكلم الثلاث أسكنا الميم، وترك حمزة الهاء على ضمها، وكسرها الكسائي.
وكذلك يضمان جميعا كل هاء اتصل بها ميم الجمع، وقبلها ياء أو كسرة، نحو (في قُلوبِهُمُ العِجل) (وَيُريهِمُ اللَهَ) (وقِبلَتُهُمُ الَّتي) ونحو ذلك؛ يضمان الهاء الميم جميعا إذا لقي الميم ساكن وأبو عمرو يكسر الهاء والميم جميعا في ذلك كله.
الباقون: يكسرون الهاء ويضمون الميم. فإذا وقفوا أسكنوا الميم، وكسروا الهاء، ولا خلاف بينهم في ذلك.
فصل
ابن كثير يضم ميم الجمع في الوصل، ويتبعها واوا في اللفظ نحو: " عليهمو " و" على سمعهمو " و" أبصارهمو " ونحو ذلك.
1 / 41
هذا إذا لم يلقها ساكن.
وتابعه ورش إذا جاءت بعد الميم همزة نحو: (عَلَيهِمو: أَأَنذَرتَهُم)، (وَمِنهمو أُمِّيون) وما أشبه ذلك. فإذا وقفا أسكنا الميم كغيرهما.
الباقون: بإسكان هذه الميم في الوصل والوقف.
فواتح السور
أجمع القراء على ترك المد فيما كان من حروف فواتح السور على حرفين في التهجي نحو: راء وياء وطاء وحاء، وعلى المد فيما كان منها على ثلاثة أحرف، أوسطها حرف مد ولين نحو: لام وميم وصاد وقاف ونون، وعلى تمكين العين من: كهيعص وحم عسق من أجل حرف اللين، ولا يمدون لأنه ليس بحرف مد.
باب هاء الكناية
اختلفوا في هذه الهاء، إذا كانت ضمير الواحد المذكر وكان قبلها ساكن. فإن كان الساكن ياء وصلها ابن كثير بياء في جميع القرآن نحو: (فيهى هدى) (وَنوحيهى، إليك) وإن كان غير ياء أي حرف كان وصل الهاء بواو نحو: " لمن اشتراهو " واجتباهو وهداهو " وفهو " " وعنهو " ومن لم " يطعهو " ونحو ذلك.
1 / 42
وتابعه حفص في موضع واحد قوله: (ويخلد فيهى مهانا) في " الفرقان " فوصله بياء.
فإن لقي هذه الهاء ساكن، فإن ابن كثير يختلس حركتها كغيره، وإذا وقفوا على هذه الهاء فكلهم سكنها إلا من يرى الروم والأشمام.
فصل
وانفرد حفص بضم الهاء في موضعين، ضمة مختلسة: أحدهما: في " الكهف " (وَما أنسانِيهُ إِلاّ الشَيطان) والآخر: في " الفتح " (بما عاهد عليه الله) .
باب المد والقصر
قرا الحرميان إلا ورشا وأبو عمرو بإشباع المد في حروف المد واللين إذا كانت مع الهمزة في كلمة واحدة نحو: (أَولئك) و(الملائكة) و(الخائفين) وما أشبه ذلك. ويترك مدهن إلا بمقدار ما فيهن من المد واللين إذا لم تكن مع الهمزة في كلمة واحدة نحو: (وما لنا أَلا نتوكل) (وقالوا أمنا) (وفي أنفسكم) ونحو ذلك. لا يمدون كلمة لأخرى. الباقون بالمد المشبع في ذلك كله من غير اعتبار كلمة أو كلمتين وأطولهم مدا حمزة وورش.
1 / 43
فصل
وكان ورش يشبع المد في حروف المد واللين الواقعة بعد الهمزة نحو: (أمنّا) (وآدم) (وأَويناهما) (والسيئات) (وأوتينا العلم) (وإيتاء الزكاة) (والموؤدة) (وإسرائيل) وما أشبه ذلك.
باب اختلافهم في الهمزتين من كلمة واحدة أما المفتوحتان نحو: (أأنذرتهم) و(أأنت قلت للناس) و(أأشفقتم) فقرأ الحرميان وأبو عمرو وهشام بتحقيق الأولى، وتليين الثانية، فتصير كالمدة في اللفظ.
غير أن أبا عمرو وقالون وهشاما أطولهم مدا فيها، لأنهم يدخلون بينهما ألفا.
الباقون: بتحقيقهما جميعا في القرآن كله.
فأما قوله: (أأعجمي و(أألهتنا خير) و(أأذهبتم) و(أإن كان ذا مال) فإنا نذكرها في مواضعها إن شاء الله.
وأما المفتوحة والمكسورة كقوله: (أإلهٌ مع الله) (أإن ذكرتم) (أإذا كنا) ونحو ذلك.
فقرأ الحرميان وابو عمرو وقالون بتحقيق الأولى، وجعلوا الثانية كالياء
1 / 44
المختلسة الكسرة غير أن أبا عمرو وقالون يمدان الهمزة الأولى لأنهما يدخلان بينهما ألفا كما تقدم في المفتوحتين.
الباقون: بتحقيق الهمزتين من غير مد في ذلك كله، إلا أن هشاما خالف أصله في سبعة مواضع من هذا الفصل منها: في " الأعراف " موضعان: (أإنكم لتأتون) (أإِن لنا لأجرًا) .
وفي " مريم ": (أإذا ما مت) .
وفي " الشعراء ": (أإن لنا لأجرًا) .
وفي " الصافات " موضعان: (أإنك لَمن المُصدّقين) (أإفكًا آَلهة) .
فقرأ في هذه الستة المواضع بهمزتين محققتين بينهما مدة، والموضع السابع في " حم السجدة ": (أإنكم لتكفرون) قرأه بهمزة واحدة ممدودة بعدها كالياء المختلسة الكسرة مثل أبي عمرو. طوخالف ابن ذكوان أصله في موضع واحد قوله: (إذا ما مت) في مريم فقرأه بهمزة واحدة مكسورة على الخبر.
وخالف نافع وحفص أصيلهما في موضعين في " الأعراف ": (إنكم لتأتون الرجال) (إنَّ لنا لأجرًا) فقرأهما بهمزة واحدة مكسورة على الخبر.
وخالف ابن كثير أصله في موضعين أيضا أحدهما: في " الأعراف " (إنكم لتأتون الرجال) (إنّ لنا لأجرًا) فقرأهما بهمزة واحدة مكسورة على الخبر.
وخالف ابن كثير أصله في موضعين أيضا أحدهما: في " الأعراف " (إنّ لنا لأجرًا) والآخر في " يوسف " (إنك لأنت يوسف) فقرأهما بهمزة واحدة مكسورة على الخبر.
1 / 45
وأما المفتوحة والمضمومة كقوله: (أؤُنبِئكُم) ن في " آل عمران " (أأنزل عليه الذكر) في " ص " (أَأَلقي الذكر عليه) في " القمر " ليس في القرآن غيرها.
فقرأ الحرميان وأبو عمرو بتحقيق الأولى وجعلوا الثانية كالواو المختلسة الضمة من غير مد.
الباقون: بتحقيق الهمزتين من غير مد في الثلاثة، إلا أن هشاما قرأ في " ص " و" القمر ": بتحقيق الأولى، وتليين الثانية وأدخل بينهما مدة.
فصل
وأما قوله في " الأنعام " (آلذكرين) في الموضعين، وفي " يونس " (آلآن) في الموضعين وفيهما (قل الله آذن لكم) وفي " النمل " (اللَهُ خَيرُ) .
فكلهم يقرأ في هذه الستة بهمزة مفتوحة بعد مدة إلا أن ورشا نقل حركة الهمزة إلى اللام الساكنة التي قبلها في قوله: (قل الذكرين) في الموضعين، وقوله: (قل اللَهُ) فيحركها بحركتها، ويسقط الهمزة، فيلفظ بمد يسير من غير همز في هذه الثلاثة.
1 / 46
باب اختلافهم في الهمزتين من كلمتين
أما المتفقتا الحركتين نحو: (جاء أحدهم) و(تلقاء أصحاب) و(هؤلاء إن كنتم) و(مِنَ النِساءِ إِلا) و(أَولياءُ أُولئك) .
فقرأ قنبل وورش بتحقيق الأولى، وتليين الثانية فتحصل في قراءتهما مدتان: مدة قبل الهمزة، ومدة بعدها. غير أن المدة الأولى أطول لأنها ألف محضة، والثانية: ليست ألفا محضة، ولا ياء ولا واوا، وإنما هي بين الهمزة والحرف الذي منه حركتها.
وقرأ أبو عمرو: بإسقاط الأولى وتحقيق الثانية فتحصل في قراءته مدة واحدة قبل الهمز فقط، وتابعه البزي وقالون في المفتوحتين لا غير.
وقرأ في المكسورتين والمضموتين بتليين الأولى، وتحقيق الثانية، فتصير الأولى من المكسورتين كالياء المختلسةن الكسرة، ومن المضمومتين كالواو المختلسة الضمة.
الباقون بتحقيق الهمزتين في ذلك كله.
وأما المختلفتا الحركتين، فقرأ الحرميان وأبو عمرو بتحقيق الأولى، وتليين الثانية. فإن كانت الثانية مفتوحة، وقبلها ضمة أو كسرة، قلبوها حرفا من جنس حركة ما قبلها نحو: (السفهاءُ ولا) و(أَن لو نشاءُ وصبناهم) هذه واو محضة.
و(من الشهداءين تضل) و(هؤلاء يضلونا) هذه ياء محضة.
وإن كانت الثانية مكسورة، أو مضمومة جعلوها من الهمزة والحرف الذي منه
1 / 47
حركتها ولم يحفلوا بحركة ما قبلها نحو: (الشهداء إذا ما) و(البغضاء إلى) و(جاء اُمّةَ) وما أشبه ذلك.
الباقون: بتحقيق الهمزتين في ذلك كله.
باب نقل ورش لحركة الهمزة
أعلم أن ورشا ينقل حركة الهمزة إلى الساكن الذي قبلها، فيحركه بحركتها ويسقط الهمزة في جميع القرآن هذا إذا كانت الهمزة في أول كلمة، والساكن في كلمة أخرى قبلها.
وسواء كان ذلك الساكن تنوينا أو غيره من الحروف كقوله (من شيء إذ كانوا) و(كفور إذن) و(قد أفلح) و(أن أَرضعيه) و(من أَوسط) وما أشبه ذلك.
إلا أن يكون الساكن الذي قبل الهمزة أحد حروف المد واللين أو هاء السكت في قوله تعالى: (كتابيه) إلا في " الحاقة " فإنه لا ينقل إليها حركة الهمزة.
فأما إذا كان الساكن مع الهمزة في كلمة واحدة، فإنه لا ينقل إليه الحركة غلا في لام التعريف وحده فقط نحو: الأسماء والإنسان والآخرة وما أشبه ذلك.
فأما قوله: (الآن) في " يونس " " ٥١ ".
وقوله: (ردءًا يصّدقني) في " القصص " ٣٤ " وقوله: (عادًا الأُولى) في " النجم " " ٥٠ ".
فنذكرها في مواضعها إن شاء الله.
1 / 48
باب الهمزة التي تترك من غير نقل
في الكلمة الواحدة
أما الهمزة الساكنة المفتوح ما قبلها.
فإن ورشا كان يعتبر ما قبلها، فإن كان أحد ستة أحرف وهي هجاء " تنوفين " قلب الهمزة الساكنة التي بعدها ألفا في الوصل والوقف جميعا، وحققها فيما سوى ذلك، وخالف أصله مع ثلاثة أحرف من هذه الستة وهي هجاء " موف ".
فأما الميم: فإنه خالف أصله معها في " المأوى " وما تصرف منه، وفي قوله: (فإذا أَطمأننتم) في " النساء " فهمز فيهما.
وأما الواو: فإنه خالف أصله معها في قوله: (بَوّأنا) في " يونس " ٩٣ و" الحج " ٢٦ فهمزهما.
وأما الغاء: فإنه خالف أصله معها في قوله: (فَأَؤوا إلى الكَهف) في سورة " الكهف " ١٦ فهمزه.
فصل
وأما الهمزة الساكنة المضموم ما قبلها، فإنه كان يعتبر ما قبلها، فإن كان أحد أربعة أحرف وهي هجاء " متين " قلب الهمزة واوا في الوصل والوقف وحققها فيما سوى ذلك.
وخالف أصله مع التاء في قوله: (تؤوي إِليك) في " الأحزاب " ٥١ و(فصيلته التي تُؤِيهِ) في " المعارج ١٣ فهمزهما.
فصل
وأما الهمزة الساكنة المكسور ما قبلها، فإنه لا يتركها إلا في " بئس " وما
1 / 49
تصرف منه و(بئر معطلة) في الحج ٤٥، و" الذئب " حيث وقع.
وتابعه قالون في موضع واحد قوله: (بعذاب بئيس) في " الأعراف ١٦٥ فترك همزه، وتابعه الكسائي في الذئب فترك همزه حيث وقع.
الباقون: بتحقيق الهمز في جميع ذلك.
فصل
فأما الهمزة المتحركة، فإن ورشا كان يحققها كسائر القراء إلا في موضعين: أحدهما: " لئلا " حيث وقع، فإنه قلب الهمزة فيه ياء.
والآخر: إذا كانت الهمزة مفتوحة، وقبلها أحد أربعة أحرف مضموما، وهي هجاء " متين " فإنه قلب الهمزة واوا بعد هذه الأحرف نحو: (مُؤَجَلًا) و(المُؤَلَفَةُ) و(تُؤَدُوا الأَماناتِ) و(يُؤَيِّد) و(ما نُؤَخِرُهُ) .
الباقون: بتحقيق الهمزة في ذلك كله، إلا أن حفصا خالف أصله في قوله: (هُزُوًا) حيث وقع وقوله: (كُفُوًا) فقلب الهمزة فيهما واوا مفتوحة.
وأما (سأَل سائل) فنذكره في موضعه.
1 / 50
باب الهمزة الساكنة
التي هي فاء من الفعل
هذه الهمزة أصلية، ولكن لا يمكن النطق بها لسكونها فتجتلب لها همزة الوصل ليتوصل إلى النطق بها.
فإذا دخلت عليها همزة الوصل انقلبت هي على حركتها كراهة الجمع بين همزتين.
فإن كانت حركة همزة الوصل الكسر، انقلبت هذه الأصلية ياء، وإن كانت الضم انقلبت واوا نحو: (إئت بقرآن) (اؤتمِنَ أمانته) لا خلاف بينهم في هذا.
فإذا اتصل بهذه الهمزة شيء من قبلها، فإن همزة الوصل تذهب للإستغناء عنها، ويقع في الأصلية الإختلاف، فكل القراء يهمزها إلا ورشا وأبا عمرو. إذا ترك الهمز فإنهما يقلبانها على حركة ما قبلها نحو: (لِقاءنا أئتِ بقرآن) (ثُمَّ أئتوا صَفًّا) (الذي أُؤتُمن) (يا صالحُ إِئتِنا) وما أشبهه.
باب مذهب أبي عمرو
في الهمزات السواكن
روى السوسي عن البزي عن أبي عمرو: أنه كان يترك كل همزة ساكنة في القرآن، ويبدل منها حرفا من جنس حركة ما قبلها إلا في خمسة وثلاثين موضعا خالف أصله فيها فهمزها منها:
1 / 51
ما كان سكون الهمزة علامة للجزم نحو قوله: (إن نشأ نذهبكم) (أَو ننسأها) و(إن تصبك حسنةٌ تسؤهم) وما أشبه ذلك مما قد دخل عليه حرف جزم، أو كان جوابا لمجزوم، أو معطوفا على مجزوم، وجملته تسعة عشر موضعا ومنها: ما كان سكون الهمزة فيه علامة للبناء في فعل الأمر خاصة نحو: (أنبِئهم بأَسمائهم) و(أَزجِه وأَخاه) و(نَبِئنا بتأويله) وما أشبه ذلك مما يدخل عليه جازم، وإنما هو مبني للأمر، وجملته أحد عشر موضعا، ومنها: قوله: (وتُؤدي إليك) في الأحزاب " ٥١ (وفصيلته التي تؤويهِ) في سأل سائل ومنها قوله: (وَرِئيًا) في مريم ٧٤.
ومنها قوله: (مُؤصدة) في " البلد " ٢٠ " والهمزة " ٨.
وكان شيخنا ﵀ يخير لأبي عمرو في كلتا روايته في ترك الهمزات السواكن وفي تحقيقها. والذي قرأت به عليه لأبي عمرو والدوري بالهمز للسوسي بغير همز.
1 / 52
باب مذهب حمزة وهشام
في الوقف على الهمز
أما الهمزة الساكنة: فإن حمزة يبدل منها في الوقف حرفا من جنس حركة ما قبلها متوسطة كانت أو متطرفة نحو (يأكل) و(الذئب) و(يؤمنون) و(إن يشأ) و(يهيء) .
وكذلك إن كانت متطرفة وقبلها متحرك كقوله: (اللَهُ يستهزىء و(يَتَفَيؤ) و(إِن امرؤٌ) و(لؤلؤ) ونحو ذلك.
ويقف على قوله تعالى: (تُؤوي إِليكَ) و(تُؤويهِ) بواو مشددة، وعلى قوله: (وَرئيًا) مشددة.
هذا هو الإختيار في هذين الموضعين.
فصل
فأما الهمزة المتحركة إذا كان قبلها ساكن متوسطة كانت أو متطرفة، فإنه يعتبر ذلك الساكن.
فإن كان أصليا نقل إليه حركة الهمزة - أي حركة كانت - فحركه بها، وأسقط
1 / 53
الهمزة، كقوله: (النَّشأَة) و(المَؤودَة) و(جَزاءً) و(شَيئًا) و(دِفء) و(الخَبء) وما أشبهه.
إلا أن المتطرفة إذا نقل حركتها إلى ما قبلها وحذفها أسكن الحرف المتحرك بحركتها للوقف نحو: (دِفء) و(الخَبء) وله أن يروم الحركة، ويشمها في المجرور المضموم، لأن مذهبه الروم والإشمام، وهو الإختيار له، والإسكان جائز، وهو الأصل.
وإن كان الساكن الذي قبل هذه الهمزة زائدا، فلا يكون إلا أحد حروف المد واللين.
فإن كان ياءا أو واوا قلب الهمزة التي بعده حرفا من جنسه بأي تحركت وأدغم ذلك الزائد فيه، كقوله: (خطيئة) و(هنيئًا) و(النسىء) و(ثلاثة قروء) وإن كان الزائد ألفا جعل الهمزة التي بعده بين بين أن الألف لا ترغم نحو: (وَما كانوا أَولياءَهُ) (إِن أَولياؤه) و(لائِم) يجعلها
1 / 54
بين الهمزة والحرف الذي منه حركتها. وكذلك إن كانت الألف من نفس الكلمة حكمها في هذا كحكم الزائدة نحو: (فمن جاءه) و(جاءَوا) وما أشبهه.
فصل
فإن كانت الهمزة التي بعد الألف متطرفة قلبها ألفا على كل حال بأي حركة تحركت لسكونها في الوقف وانفتاح ما قبل الألف التي قبلها؛ لأن الألف ليست بحاجز حصينن فكأن الفتحة قد وليت الهمزة نحو: (يَشاء) و(من الماء) و(شُهداء) ويمد مدا طويلا لاجتماع الألفين.
فصل
فإن كان ما قبل الهمزة المتحركة متحركا فإنه يعتبر هذه الهمزة.
فإن كانت مفتوحة وقبلها ضمة أو كسرة قبلها حرفا من جنس حركة ما قبلها نحو: (نُؤيد) و(فيء) وما أشبه ذلك، ثم بعد ذلك يحكم لها بحركة نفسها باي حركة تحركت، وتحرك ما قبلها فتجعلها بين الهمزة والحرف الذي منه حركة نفسهان نحو: (شَيئان) و(الصابئين) و(كما سئل موسى) و(مستَهزِؤن) وما أشبه ذلك.
وتابعه هشام على ترك المتطرفة لا غير في الوقف على الأحكام التي تقدمت.
1 / 55
فصل
واعلم أن هشاما يجعل الهمزة المنصوبة التي يصحبها التنوين في حكم المتوسطة، فلا تتركها من أجل لزوم الألف التي هي بدل من التنوين في حال الوقف.
باب الإدغام
أما ذال " إذا " إذا وقع بعدها أحد ستة أحرف يجمعها قولك: " شجز صدّت " فقرأ الحرميان وعاصم بالإظهار فيها كلها، وأبو عمرو وهشام بالإدغام فيها كلها، وابن ذكوان بالإدغام عند الدال فقط. وخلف عند التاء والدال فقط، وخلاد والكسائي بالإظهار عند الجيم فقط، زاد خلاد إظهارها عن الزاي في قوله: (وَغِذ زاغَت الأبصار) لا غير.
باب دال قد
وذلك عند ثمانية أحرف: وهي أول كل حرف من كلمات هذا البيت:
شَهِدتُ ضُحىً ظِباءً سانِحاتِ ... ذَكَرَت زَمانُ جُزءٍ صافِناتِ
فقرأ الحرميان وعاصم بالإظهار فيها كلها. وخالفهم ورش في الظاء والضاد فأدغم فيهما، وأظهر ابن ذكوان عند أربعة أحرف منهاه وهي: شص جس! وأدغم فيما بقي.
وقرا الأخوان: أبو عمرو وهشام بالإدغام فيها كلها إلا أن هشامًا خالفهم عند الظاء في موضع واحد فأظهر فيه، وهو قوله: (لقد ظلمك) في " صاد ".
باب تاء التأنيث
وذلك عند ستة أحرف، وهي أوائل كلمات هذا البيت:
صَدَّ جائِرًا ظَهَرًا ... ثُمّ زارَني سَمَرا
1 / 56
فقرا الحرميان وعاصم بالإظهار فيها كلها. وخالفهم ورش الظاء فقط فأدغم فيها، وأظهرها ابن ذكوان عند ثلاثة أحرف منها وهي: سحر وأدغم فيما بقي، وقرأ الأخوان أبو عمرو وهشام بالإدغام فيها كلها.
باب لام هل وبل
وذلك عند ثمانية أحرف، وهي أوائل كلمات هذا البيت:
تَقَولُ سَلمى ضاعَ طالِبوكا ... نَأَيتُ ظُلما ثُمّ زايلوكا
فقرأ الكسائي بالإدغام فيها كلها وزاد أبو الحارث عنه، إدغام اللام الساكنة في الذال نحو: (مَن يفعل ذَلك) حيث وقع.
وقرأ حمزة بإدغامها عند التاء والتاء والسين فقط، وقرأ هشام بالإظهار عند النون والضاد فقط، وبالإدغام فيما بقي إلا أنه خالف أصله عند التاء في موضع واحد، وهو قوله في " الرعد ": (أَم هل تستوي الظلمات) فأظهرها فيها كلها،، إلا أن أبا عمرو خالفهم عند التاء في موضعين فأدغم فيهما، وهما قوله: (هل ترى من فطور) في " تبارك " و(هل ترى لهم من باقيَة) في " الحافة ".
فصل
فأما قوله (أَخذتم) و(اِتخذتم) و(لاتَخذت) حيث وقع فأظهر الذال فيه. ابن كثير وحفص وأدغم الباقون.
1 / 57
باب النون الساكنة والتنوين
أجمع القراء على إظهارها عند حروف الحلق، وعلى إدغامهما في حروف " يرملون " إلا ان تكون النون مع الواو والياء في كلمة واحدة نحو: قنوان وصنوان وبنيان، فإنهم يظهرونها بإجماع، وكذلك اتفقوا على إبدالهما عند الياء ميما في اللفظ من غير إدغام، وعلى إخفائهما عند باقي حروف المعجم.
والإخفاء: هو حال بين الإظهار وبين الإدغام.
فصل
فأما الغنة التي فيهما إذا أدغما في هجاء " يرملون " فإن القراء أجمعوا على إظهارها مع أربعة أحرف منها، وهي هجاء (يؤمن) إلا خلفا فإنه أذهبها مع الياء والواو فقط، وأجمعوا على إذهابها مع اللام والراء.
باب الإمالة
أجمعوا على الفتح في الأفعال الثلاثية من ذوات الواو نحو: دعا عفا ونجا وما أشبه ذلك حيث وقع إلا أربعة أفعال منها وهي: (دحاها) و(طحاها) و(تلاها) و(سجا) فإن الكسائي أمالها، وكذلك الأسماء الثلاثية من ذوات الواو. وأجمعوا أيضا على فتحها نحو: (الصفا) و(عصاه) و(شفا جرف) وما أشبهه إلا ثلاثة أحرف منها: (الربا) و(الضحى)
1 / 58