الكسائي، فأتى جعفر بن يحيى والفضل بن يحيى، فقال: أنا وليكما وصاحبكما، وهذا الرجل قد قدم ليذهب محلي؛ فقالا: احتل لنفسك، فإنا سنجمع بينكما؛ فجمعا عند البرامكة، وحضر سيبويه وحده وحضر الكسائي ومعه الفراء وعليٌ الأحمر وغيرهما من أصحابه، فسألوه: كيف تقول: كنت أظن العقرب أشد لسعة من الزنبور، فإذا هو هي، أو فإذا هو إياها؟ قال: أقول: فإذا هو هي؛ فأقبل عليه الجمع، فقالوا: أخطأت ولحنت؛ فقال يحيى بن خالدٍ: هذا موضعٌ مشكلٌ، فمن يحكم بينكم؟ قالوا: هؤلاء الأعراب على الباب؛ فأدخل أبو الجراح ومن وجد معه من الأعراب ممن كان يحمل عنه الكسائي وأصحابه، فقالوا: نقول: فإذا هو إياها؛ وانصرم المجلس على أن سيبويه قد أخطأ وحكم عليه، فأعطاه البرامكة وأخذوا له من الرشيد، وبعث به إلى بلده، فيقال: إنه ما لبث بعد هذا إلا يسيرًا ثم مات، فيخال أنه مات كمدًا.
ومما أنشد عند موته وأخوه جالسٌ عند رأسه:
أخيين كنا فرق الدهر بيننا ... إلى الأمد الأقصى ومن يأمن الدهرا
قال علي بن سليمان: وأصحاب سيبويه إلى هذه الغاية لا اختلاف بينهم أن الجواب على ما قال سيبويه، وهو: فإذا هو هي، وهذا موضع الرفع.
1 / 55