الساكنين. فقال: هذا الجواب، لا جوابك يا يعقوب!
فلما خرجنا، قال لي يعقوب: ما حملك على هذا وبيني وبينك المودة الخالصة؟ قلت: والله ما قصدت تخطئتك، ولكن كانت في نفسي هينة الجواب ولم أظن أنها تعزب عنك، ولو علمت ذلك ما ألقيتها.
٧٧- وحضرت يومًا آخر، وقد اجتمع جماعةٌ من نحويي الكوفة، فقال لي الواثق: يا مازني! هات مسألةً؛ فقلت: ما تقولون في قول الله جل وعز ﴿وما كانت أمك بغيًا﴾ لم لم يقل: «بغيةً» وهي صفةٌ لمؤنثٍ؟ فأجابوا بجواباتٍ ليست بمرضيةٍ، فقال لي الواثق: هات الجواب؟ فقلت: يا أمير المؤمنين! لو كانت بغي على تقدير فعيل بمعنى فاعلة لحقتها الهاء مثل كريمةٍ وظريفة ٍوإنما تحذف الهاء إذا كانت بمعنى مفعولةٍ نحو: امرأةٍ قتيلٍ، وكفٍ خضيبٍ، وتقدير بغي ها هنا ليس بفعيل، إنما هو فعول، وفعولٌ لا يلحقه الهاء في وصف التأنيث، نحو امرأةٍ شكورٍ، وبئرٍ شطونٍ، إذا كانت بعيدة الرشاء، وتقدير بغي بغويٌ، قلبت الواو ياءً ثم أدغمت الياء في الياء نحو سيدٍ وميتٍ؛ فاستحسن الجواب. ثم أتيته، فاستأذنته في الخروج، فقال: هلا أقمت عندنا؟ فقلت: يا أمير المؤمنين! لي بنيةٌ أشفق أن أغيب عنها؛ قال: كأني بك وقد قالت لك قول ابنة الأعشى للأعشى:
أرانا إذا أضمرتك البلاد ... نجفى وتقطع منا الرحم
1 / 53