ولولم يكن في هذه الآية إلا قول النبي ﷺ: «إن من الشعر حكمةً» . وقوله لحسان: «يا حسان! أجب عن رسول الله، اللهم أيده بروح القدس» . لكان فيه كفايةٌ.
٣٢- وقد سمع النبي ﷺ الشعر واستحسنه وأثاب قائله، وكذا الصحبة والتابعون، واستشهدوا به في كتاب الله، منهم ابن عباس كما روى أبو داود الطيالسي عن مسمع قال: سمعت عكرمة قال: كان ابن عباس إذا سئل عن شيءٍ من أمر القرآن أنشد فيه شعرًا من أشعارهم.
٣٣- وأما قول القاسم بن مخيمرة، فإن صح فإنه مخالفٌ لقول النبي ﷺ وأصحابه وتابعيه، وما كان كذلك لم يجز لمسلمٍ أن يحتج به. وأيضًا فقوله: أوله شغلٌ وآخره بغيٌ؛ كلامٌ لا معنى له، لأن أول الفقه شغلٌ، وأول الحساب شغلٌ، وآخره بغيٌ، وكذا أوائل العلوم، أفترى الناس تاركين العلوم من أجل أن أولها شغلٌ!؟
وقوله: وآخره بغيٌ، إن كان يريد به أن صاحب النحو إذا حذقه صار فيه زهوٌ واستحقر من يلحن، فهذا موجودٌ في غيره من العلوم من الفقه وغيره في بعض الناس، وإن كان مكروهًا.
وإن كان يريد بالبغي التجاوز في ما لا يحل فهذا كلامٌ محالٌ، لأن النحو إنما هو لتعلم اللغة التي نزل بها القرآن، وهي لغة النبي صلى الله عليه وكلام أهل الجنة وأهل السماء؛ كما قال مقاتل بن حيان: كلام أهل السماء العربية.
1 / 35