وأما الأديم دباغ مصر بالقرظ اليماني والعفص فإنه يغسل بالماء الحلو لأنه يدبغ به فإن كان الجلد يعمل منقوشًا فتلقاه سلسًا خفيف الوزن وهو أن يكون دون المن جيد الدباغ، وإن كان ساذجًا كان وزنه منًّا ويكون محبب الوجه. فإذا كان على هذه الصفة فاغسله في موضع نظيف واحذر أن يصيبه شيء يسوده مثل حديد أو مسمار فيسودَّ موضعه.
والأديم العفصي إذا غسلته تحك ظهره بشقفة حكًا ليزول ما عليه من العفص والقرظ، ويعصر عصرًا جيدًا ويجعل وجهه إلى الداخل ثم يفتح حتى ينشف، ثم تقطع كوارعه وتفصِّله على قدر ما تريد بأن تبسطه على البلاطة وتمسحه بالمسطرة التي ذكرنا، فإذا انصقل فابشره. وأجود البشر للجلد أن يكون قد قارب الجفاف، وذلك أن الشفرة لا تقطع منه مثل ما تقطع إذا كان جافًا. فإذا بشرته فتوقَّى أن يكون تحت الجلد شيء فينقطع موضعه.
فإذا فرغت من بشره أعده للغسل، فاغسله حتى يخرج ماؤه صافيًا نقيًا، فإذا رأيته يتقطع الماء على وجهه فاعلم أنه زائد الدهن، وهو الذي لا يخرج له جوهر في العمل. فإذا أردت إزالة الدهن منه فخذ عفصًا مطحونًا فألق على كل طاق منه أوقيتين، وهو أن تبسط القطعة بين يديك وتنشر العفص على جميعها وهي مبلولة، وتردّ بعضها على بعض، وترده إلى قصرية يكون فيها ماء يغمر ما وضعته فيها وزيادة، وتثقله بشيء حتى لا يذهب، وتبيته
فيه ليلةً أو يومًا إلى العشاء، ثم تخرجه من الماء وتعركه عركًا جيدًا، فإذا قدرت على شيء من نخالة فهو أبلغ. وإن كان أديمًا ناقص الدباغ أسود اللون حسن الملمس فافعل به كما فعلت بالدهني فهو جيد له.
ومن شأن العفص في الجلد إن كان رخوًا صلبه، وإن كان صلبًا أرخاه، وإن كان دَهِنًا أزال دهنه، وإن كان غير دهني ألحقه بالدهنية فافهم ذلك ثم اصنعه.