وقريبٌ من هذا ما حُكي عن إسحاقَ بنِ عبدِالله بنِ نوفل: الأبابيلُ مأخوذٌ من الإبلِ المؤبَّلة، وهي الأقاطيعُ. وعن ابنِ عباسٍ ومجاهد: متتابعةٌ بعضُها في إِثرِ بعضٍ. وقيلَ: أبابيل: متفرقةً تجيءُ من كلِّ ناحيةٍ؛ من هُنا ومن هُنا. قاله ابنُ مسعودٍ وابنُ زيدٍ والأخفشُ. ومن مجيءِ ﴿طيرًا أبابيلَ﴾ قولُه: [من الرجز]
١١ - ولعبت طيرٌ بهمْ أبابيلْ ... فصُيِّروا مثلَ كعصفٍ مأكولْ
وقد وصفَ الأبابيلَ بكونهِ منَ الطيرِ تارةً في قولِ الأعشى: [من الطويل]
١٢ - طريقٌ وجبّارٌ رِواءٌ أصولُهُ ... عليه أبابيلٌ من الطيرِ تَنْعَبُ
وأضيفَ إليه أخرى في قولِ الآخرِ: [من الطويل]
١٣ - تَراهمْ إلى الدَّاعي سِراعًا كأنهمُ ... أبابيلُ طيرٍ تحتَ دَجنٍ تَخرَّقُ
وفي هذين دليلٌ على أن هذه اللفظةَ خاصةٌ بالطير. وقد جاءَ ما يشهد بخلافِ ذلك. قال الشاعرُ: [من البسيط]
١٤ - كادتْ تهزُّ من الأصواتِ راحلتي ... إِذ سالتِ الأرضُ بالجردِ الأبابيلِ
أي بالخيلِ الجردِ المتتابعةِ.
والإبلُ: اسمُ جمعٍ لا واحدَ لهُ من لفظهِ. مفردُه: جملٌ أو ناقةٌ. وقال الراغب: «الإِبلُ يقعُ على البُعرانِ الكثيرةِ». وتقييدُه بالكثرةِ غيرُ مرادٍ، إِذ اسمُ الجمعِ كالجمعِ في
1 / 49