قوة المؤمن في قلبه
قال الإمام المحقق "ابن القيم" -رحمه الله-:
(اعلم أن العبد إنما يقطع منازل السير إلى الله بقلبه وهمته لا ببدنه، والتقوى في الحقيقة تقوى القلوب، لا تقوى الجوارح، قال تعالى: {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب}، وقال: {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم}، وقال النبى - صلى الله عليه وسلم -: "التقوى هنا"، وأشار إلى صدره، فالكيس يقطع من المسافة بصحة العزيمة، وعلو الهمة، وتجريد القصد، وصحة النية، مع العمل القليل أضعاف أضعاف ما يقطعه الفارغ من ذلك مع التعب الكثير، والسفر الشاق فإن العزيمة والمحبة تذهب المشقة وتطيب السير، والتقدم والسبق إلى الله سبحانه إنما هو بالهمم؛ وصدق الرغبة، والعزيمة، فيتقدم صاحب الهمة مع سكونه صاحب العمل الكثير بمراحل، فإن ساواه في همته تقدم عليه بعمله، وهذا موضع يحتاج إلى تفصيل يوافق فيه الإسلام الإحسان، فأكمل الهدي هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان موفيا كل واحد منهما حقه، فكان مع كماله وإرادته وأحواله مع الله يقوم حتى ترم قدماه، ويصوم حتى يقال لا يفطر، ويجاهد في سبيل الله، ويخالط أصحابه، ولا يحتجب عنهم، ولا يترك شيئا من النوافل والأوراد لتلك الواردات التي تعجز عن حملها قوى البشر) اه.
حياة القلب بالعلم والهمة
Page 18