Culama Muslimin
علماء المسلمين والوهابيون
بإجراء أحوال الناس على الظاهر ونهانا عن أن ننقب وننظر ما في قلوبهم رحمة بهذه الأمة كما قال تعال سبقت رحمتي غضبي ولا تسبق الرحمة الغضب إلا بكثرة وقوع الناس في المعاصي والزور وزيادة ذلك على الطاعات والصدق فافهم وعلى هذا الذي قررناه يكون إجراء أحكام الناس على الظاهر من الشرع المقرر بتقرير الشارع ونظير ذلك أيضا اكتفاؤنا من المكلف بفعل التكاليف ظاهرا وقد يكون في باطنه زنديقا على خلاف ما أظهره لنا وإن كان مراد الشارع بشريعته حقيقة إنما هو ما وافق فيه الظاهر الباطن فمن شهد زورا أو صلى غير مؤمن فليس هو على شرع مطلقا في نفس الأمر حتى يقابل بالحقيقة إنما ذلك باطل من غير الدين فإن فهمت يا أخي ما قررته لك انقدح لك الجمع بين قول من يقول إن حكم الحاكم ينفذ ظاهرا وباطنا وبين من يقول إنه ينفذ ظاهرا فقط أي في الدنيا دون الآخرة وقد ينتصر الحق تعالى لمنصب الشرع فينفذ حكم الحاكم بشهادة الزور ظاهرا وباطنا وبه قال بعض الأئمة فيسامح شهود الزور في الآخرة ويعفو عنهم ويمشي حكم الحاكم في مسألتهم كما يمشي شهادة العدول ويرضى الخصوم كل ذلك فضلا منه ورحمة بعباده وسترا على فضائحهم عند بعضهم بعضا وفي الحديث إن شخصا مات في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهد الصحابة كلهم فيه بالشر إلا أبا بكر الصديق رضي الله عنه فأوحى الله تعالى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم إن الذين شهدوا في فلان بالسوء صادقون ولكن الله تعالى أجاز شهادة أبي بكر تكرمة له انتهى وذلك أن مقام الصديقية يقتضي أن لا يرى صاحبه من الناس إلا محاسنهم قياسا على باطنه هو فافهم وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول لا يكمل إيمان العبد بأن سائر أئمة المسلمين على هدى من ربهم إلا أن سلك طريق القوم وأما أصحاب الحجب الكثيفة من غالب المقلدين فمن لازمهم سوء الاعتقاد في غير إمامهم أو يسلمون له قوله وفي قلبهم منه حزازة فإياكم أن تكلفوا أحدا من هؤلاء المحجوبين بهذا الاعتقاد الشريف إلا بعد السلوك وإن شككت يا أخي في قولي هذا فاعرض عليه أقوال المذاهب وقل لكل واحد عمل بقول غير إمامك فإنه لا يطيعك في ذلك وكيف يطيعك في ذلك وأنت تريد تهدم قواعد مذهبه عنده بل ولو سلم لك ظاهرا لا يقدر على انشراح قلبه بذلك باطنا قال وقد بلغنا إن من وراء النهر جماعة من الشافعية والحنفية يفطرون في نهار رمضان ليتقووا على الجدال وادحاض بعضهم حجج بعض انتهى وقد قررنا في فصل انتقال المقلدين من مذهب إلى مذهب تحقيق المناط في ذلك واعلم يا أخي أن الأئمة المجتهدين ما سموا بذلك إلا لبذل أحدهم وسعه في استنباط الأحكام الكامنة في الكتاب والسنة فإن الاجتهاد مشتق من الجهد والمبالغة في إتعاب الفكر وكثرة النظر في الأدلة فالله تعالى يجزي جميع المجتهدين عن هذه الأمة خيرا فافهم لولا استنبطوا للأمة الأحكام من الكتاب والسنة ما قدر أحد من غيرهم على ذلك كما مر فإن قلت فما دليل المجتهدين في زيادتهم الأحكام التي استنبطوها على صريح الكتاب والسنة وهلا كانوا وقفوا على حد ما ورد صريحا فقط ولم يزيدوا على ذلك شيئا الحديث ما تركت شيئا يقربكم إلى الله ألا وقد أمرتكم به ولا شيئا يبعدكم عن الله ألا وقد نهيتكم عنه فالجواب دليلهم
Page 50