Culama Muslimin
علماء المسلمين والوهابيون
الإيمان والتسليم من غير أن يعرف أحدهم مستندات أصحابها فيها ومدارك أقوالهم بعيد جدا على مقامهم وكذلك القول فيمن اختار غير ما نص عليه إمامه يحتمل أنه إنما اختاره لاطلاعه على اتصال ذلك القول بعين الشريعة المطهرة كما اتصل بها قول إمامه على حد سواء كالإمام زفر وأبي يوسف وأشهب وابن القاسم والنووي والرافعي والطمعاوي وغيرهم من اتباع المجتهدين ويحتمل أن كل من أفتى واختار غير قول إمامه لم يطلع على أدلة إمامه وإنما أفتى لاعتقاده صحة قول ذلك الإمام الآخر في نفس الأمر فعلم أن كل مقلد اطلع على عين الشريعة المطهرة لا يؤمر بالتقيد بمذهب واحد لأنه يرى اتصال أقوال الأئمة كلها صحيحها وضعيفها بعين الشريعة الكبرى وإن أظهر التقيد بمذهب واحد فإنما ذلك لكونه من أهل تلك المرتبة التي تقيد بها من تخفيف أو تشديد وربما لزم المذهب والأحوط في الدين مبالغة منه في طاعة الله تعالى من باب التطوع في قوله تعالى فمن تطوع خيرا فهو خير له وإلى نحو ما ذكرناه أشار الإمام الأعظم أبو حنيفة رضي الله عنه بقوله ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي فعلى الرأس والعين وما جاء عن أصحابه تخيرنا وما جاء عن غيرهم فهم رجال ونحن رجال انتهى ففي ذلك إشارة إلى أن للعبد أن يختار من المذاهب ما شاء من غير وجوب ذلك عليه إذا كان من أهل ذلك المقام وكان سيدي على الخواص رحمه الله تعالى إذا سأله إنسان عن التقيد بمذهب معين الآن هل هو واجب أم لا يقول له يجب عليك التقيد بمذهب ما دمت لم تصل إلى شهود عين الشريعة الأولى خوفا من الوقوع في الضلال وعليه عمل الناس اليوم فإن وصلت إلى شهود عين الشريعة الأولى فهناك لا يجب عليك التقيد بمذهب لأنك ترى اتصال جميع مذاهب المجتهدين بها وليس مذهب أولى بها من مذهب فيرجع الأمر عندك حينئذ إلى مرتبتي التخفيف والتشديد بشرطهما وكان سيدي على الخواص رحمه الله تعالى يقول أيضا ما ثم قول من أقوال العلماء إلا وهو مستند إلى أصل من أصول الشريعة لمن تأمل لأن ذلك القول إما أن يكون راجعا إلى آية أو حديث أو أثرا أو قياس صحيح على أصل صحيح لكن من أقوالهم ما هو مأخوذ من صريح الآيات أو الأخبار أو الآثار ومنه ما هو مأخوذ من المأخوذ أو من المفهوم فمن أقوالهم ما هو قريب ومنها ما هو أقرب ومنها ما هو بعيد ومنها ما هو أبعد ومرجعها كلها إلى الشريعة لأنها مقتبسة من شعاع نورها وما ثم لنا فرع يتفرع من غير أصل أبدا كما مر بيانه في الخطبة وإنما العالم كلما بعد عن عين الشريعة ضعف نور أقواله بالنظر إلى نور أول مقتبس من عين الشريعة الأولى ممن قرب منها وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله تعالى يقول أيضا كل من اتسع نظره من العلماء ورأى عين الشريعة الأولى وما تفرع منها في سائر الأدوار واستصحب شهود ما تفرع منها في سائر الأدوار وهو نازل إلى آخر الأدوار أقر بحقية جميع مذاهب الأئمة ومقلديهم من عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عصره هو انتهى وسيأتي مثاله في فصل الأمثلة المحسوسة إن شاء الله تعالى من تمثيل ذلك بالشجرة أو شبكة الصياد وغير ذلك والحمد لله رب العالمين * (فصل) * وإياك يا أخي أن تطالب أحدا من طلبة العلم الآن بصدق اعتقاده في أن كل
Page 38