Culama Muslimin
علماء المسلمين والوهابيون
محمد صلى الله عليه وسلم فإنه يلزمه العمل بشريعة محمد وترك ما نسخ من شريعة عيسى فنرى العلماء يتعبدون بقول مدة من الزمان ثم يظهر لهم قول آخر هو أصح دليلا عندهم من الأول فيتركون الأول ويعملون بالثاني ويصير الأول عندهم كأنه حديث منسوخ مع أن علماءهم الذين تقدموا تعبدوا بذلك القول زمانا وأفتوا به الناس حتى ماتوا فلو قلت لأحد الآن تعبد بذلك القول القديم لا يجيب إلى ذلك وإيضاح ذلك أن الله تعالى إذا أراد أن يتعبد عباده بأحكام أخر على وجه آخر مخصوص غير الأحكام التي كانوا عليها أظهر لعلمائهم وجه ترجيح أقوال غير الأقوال التي كانوا يرجحونها فبادروا إلى العمل بما ترجح عندهم وتبعهم المقلدون لهم في الترجيح على ذلك بانشراح صدر وهكذا الأمر إلى انقراض المذاهب ويؤيد ذلك قول السيد عمر بن الخطاب رضي الله عنه إن الله عز وجل يحدث للناس أقضية بحسب زمانهم وأحوالهم وتبعه على ذلك عطاء وجاهد والإمام مالك فكانوا لا يفتون فيما يسألون عنه من الوقائع إلا أن وقع ويقولون فيما لم يقع إذا وقع ذلك فعلماء ذلك الزمان يفتونهم فيه انتهى وربما يكون في باطن ذلك أيضا رحمة بالأمة لأن الحق تعالى ربما علم من أهل ذلك الزمان الملل من العمل بذلك الحكم فقيض لهم من أبطله ممن يمكنهم الأخذ عنه من جنسهم لانقطاع الوحي رحمة منه تعالى بهم حيث كان يحدث لهم في كل زمان من الشرع أحكاما يتلقونها بالقبول وميل النفس فلا يجدون في العمل بها مشقة في الجملة وقد يقال والله تعالى أعلم أن ذلك إنما كان من الله تعالى ليقع لعلماء هذه الأمة مثل ما وقع للأنبياء الذين هم ورثتهم من ظهورهم بشرع كالجديد كل برهة من الزمان يشبه النسخ لشريعة من قبلهم من غير نسخ حقيقة * وقد سمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله تعالى يقول ما من قول من أقوال المذاهب المستعملة والمندرسة إلا وقد كان شرعا لنبي تقدم فأراد الحق تعالى بفضله ورحمته أن يجعل لهذه الأمة نصيبا من العمل ببعض تشريع الأنبياء ليحصل لهم بعض الأجر الذي كان يحصل للعاملين بنحو ما عملوا به من شرائع الأنبياء خصوصية لهذه الأمة من حيث إن شريعة نبيهم حاوية لمجموع أحكام الشرائع المتقدمة انتهى فعلم أنه لا يلزم من ترك الكامل العمل بقول أن يكون ذلك لكونه يراه خارجا عن الشريعة لأن ذلك القول المتروك لا يخرج عن كونه رخصة أو عزيمة فرجع الأمر إلى مرتبتي التخفيف والتشديد وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله تعالى يقول أيضا اعتقادنا في جميع الأكابر من العلماء أنهم ما سلموا لبعضهم بعضا إلا لعلمهم بصحة أقوالهم ومستنداتهم واتصالها بعين الشريعة لا إحسانا لنظن بهم من غير اطلاع على صحتها واتصالها بعين الشريعة وقد تقدم أن بعض أتباع المجتهدين وصل إلى شهود عين الشريعة الأولى وقال كل مجتهد مصيب كابن عبد البر المالكي والشيخ أبي محمد الجويني والشيخ عبد العزيز الديريني وأضرابهم بدليل أن الشيخ أبا محمد صنف كتابه المسمى بالمحيط الذي تقدم أنه لم يتقيد فيه بمذهب وكذلك الشيخ عبد العزيز الديريني صنف كتاب الدرر الملتقطة في المسائل المختلفة أفتى فيها على المذاهب الأربعة فلولا اطلاعه على مستندات الأئمة الأربعة ما كان يسوغ له أن يفتي على مذاهبهم كلهم وحمل أمثال هؤلاء على أنهم كانوا يفتون على المذاهب من باب
Page 37