وهي ثلاثة:
أولها: تصحيح الإيمان بوجه يؤدي إلى إقامة حرمة الشارع فيما أمر به ونهى عنه، والتبصر في الدين، فقد قال الله ... تعالى: ﴿وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا﴾ (١) وقال ﷿: ﴿فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذب أليم﴾ (٢) قل عز من قائل: ﴿قل هذه سبيلي أدعوا إلى على بصيرة أنا ومن أتبعني﴾ (٣) فبين أن التبصر في الدين أصل من أصوله، وأن من أخذ الأمر رماية في عماية فليس بمتبع للشارع، لكن الناس ثلاثة: عالم متمكن متبصر في أخذ المسائل، يطلب الدليل وإن لم يكن مجتهدا، ومتوسط في الأمور بين العامة والعلماء، فلا يصح اتباعه، إلا لمن تبصر في شأنه، فأوجب له ما علم من الشريعة أن هذا ممن يقتدى به، ثم لا يأخذ منه ما يأباه ما علمه من قواعد الشريعة، إذ لا يجوز لأحد أن يتعدى علمه: ﴿ولا تقف ما ليس لك به علم﴾ (٤) وعامي، وحقه أن يقف مع ما لا يشك (٥) في حقيقته من تقوى الله تعالى وذكره، والعمل على الجادة التي لا شك فيها، وإلا فهو مستهزئ بدينه ومتلاعب به، فاعلم ذلك، وإذا لم يكن الفتح فيما جاء عن الله ... ورسوله ففي أي شيء يكون، نسأل الله السلامة.
الأمر الثاني: البحث عن أحكام الله فيما هو به من حركة وسكون، وما يعرض له من إقبال وإدبار، وذلك لا يصح له إلا بمراقبة أحواله، فلا يعمل بشيء إلا عن علم أو اقتداء بمن يصح الاقتداء به، من عالم ورع، أو فقيه متصدر فيما لا هوى له فيه، ومقام المشيحة نذكره فيما بعد، إن شاء الله ... سبحانه.
_________
(١) الحشر ٧.
(٢) النور ٦٣.
(٣) يوسف ١٠٨.
(٤) الإسراء ٣٦.
(٥) في ت ١: (أن يقف على ما يشك في حقيقته).
1 / 45