فأدركهم العصر في الطريق، فقال بعضهم: إنما أمرنا بالعجلة وصلوا بالطريق، وقال آخرون: إنما أمرنا بالصلاة هناك فأخروا، ولم يعب (ص) على واحد منهما، فدل ذلك على صحة العمل بما فهم عن الشارع إذا لم يكن هوى، وبالله التوفيق.
الميزان الثالث: ميزان التمييز بشواهد الأحكام، وهو تفصيلي ينقسم إلى أقسام الشريعة الستة، أعني الوجوب والندب والتحريم والكراهة وترك الأولى، والإباحة، فكل ما انحاز لأصل بوجه صحيح واضح لا بعد فيه ألحق به، وما لا فهو بدعة، وعلى هذا الميزان جرى كثير من المحققين في تقسيم البدع واعتبارها من حيث اللغة للتقريب، والله أعلم.
٣ - فصل
في البدعة ومجاريها
وأقسام البدع ثلاثة:
أولها: البدع الصريحة، وهي ما أثبت من غير أصل شرعي في مقابلة ما ثبت شرعا من واجب أو سنة أو مندوب أو غيره، فأماتت سنة، أو أبطلت حقا ثابتا، وهذه شر البدع وإن كان لها مستند من الأصول والفروع، فلا عبرة به.
الثاني: البدع الإضافية، وهي التي تخاف لأمر لو سلم منها لم تصح المنازعة في كونه سنة، أو غير بدعة بلا خلاف، أو على خلاف مما تقدم، وهذه أكثرية بل غالبة في الزمان، لولا الإطالة لسردنا منها جملة.
الثالث: البدع الخلافية، وهي المبنية على أصلين، يتجاذبها كل منهما بحكمه، فمن قال بهذا قال: بدعة، ومن قال بمقابله قال: سنة، كما تقدم في حزب الإدارة، وذكر الجماعة، وغير ذلك فتأمله.
1 / 41