القويم، والصراط المستقيم، فرفضوا السنة والجماعة، ووصفوا المعصية وصف الطاعة، وتركوا السنة وأسبابها، وآثروا البدعة وفتحوا أبوابها، فكانوا دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها، كما أخبر الرسول (ص) فيما أخرجه البخاري عن حذيفة بن اليمان (ض)، قال: "كان الناس يسألون رسول الله (ص) عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت:
يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاء الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: "نعم"، قلت: فهل بعد ذلك الشر (١) من خير؟ قال:
"نعم، وفيه دخن"، قلت: وما دخنه؟ قال: "قوم (٢) يهدون يغير هديي، تعرف منهم وتنكر"، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال (٣): "دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها"، قلت: يا رسول الله، صفهم لنا، قال:
"هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال:
"تلزم جماعة المسلمين وإمامهم"، قلت: فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: "فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يأتيك الموت وأنت على ذلك" (٤) وكان (ص) يقول في خطبته: "إن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد (ص)، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، والضلالة وصاحبها في النار" (٥)، رواه النسائي من طريق جابر، وأصله في مسلم، وقال ﵊: "ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة، وهي الجماعة" (٦)، أي السنة، لقوله في الرواية الأخرى: "ما أنا عليه
_________
(١) في ت ١ زيادة: (فهل بعد ذلك الخير من شر).
(٢) في ت ١: يستنون بغير سنتي.
(٣) رواية البخاري بلفظ، قال: "نعم، دعاة على أبواب جهنم".
(٤) البخاري مع فتح الباري ١٦/ ١٤٤.
(٥) النسائي ٣/ ١٥٣، بلفظ: "إن أصدق الحديث ...، ... وكل ضلالة في النار"، وأصل الحديث في مسلم ٢/ ٥٩٢.
(٦) الترمذي ٥/ ٢٥، وأبو داود ٤/ ١٩٧، وابن ماجه ٢/ ١٣٢١، من حديث أبي هريرة، دون قوله: "ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة"، وهذه الزيادة وردت بلفظ: "كلها في النار إلا واحدة"، من طريق ابن عمر ومعاوية وعوف بن مالك، وكلها ضعيفة، ومن =
1 / 31