من أمر الأسد ما رأيت.
فمضى وانا معه حتى قطع السبخة فثنى رجليه (1) ونزل عن دابته وتوجه فاذن مثنى مثنى وأقام مثنى مثنى، ثم همس (2) بشفتيه وأشار بيده فإذا الشمس قد طلعت في موضعها في (من) وقت العصر وإذا لها صرير عند مسيرها في السماء فصلى بنا العصر فلما انفتل رفعت رأسي فإذا الشمس بحالها، فما كان الا كلمح البصر فإذا النجوم قد طلعت فاذن وأقام وصلى المغرب ثم ركب واقبل على فقال: يا جويرية أقلت: هذا ساحر مفتر؟
وقلت لما رأت طلوع الشمس وغروبها: أفسحر هذا أم زاغ بصرى؟ سأحرف (3) ما ألقى الشيطان في نفسك ما رأيت من أمر الأسد؟ وما سمعت من منطقة؟ ألم تعلم أن الله عز وجل يقول: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) يا جويرية ان رسول الله (ص) كان يوحى إليه وكان رأسه في حجري، فغربت الشمس ولم أكن صليت العصر فقال (ص) لي صليت العصر؟ فقلت: لا قال (ص): اللهم ان عليا كان في طاعتك وحاجة نبيك ودعا بالاسم الأعظم فردت على الشمس فصليت مطمئنا ثم غربت بعد ما طلعت فعلمني - بابى هو وأمي - ذلك الاسم الذي دعا به، فدعوت به الان يا جويرية ان الحق أوضح في قلوب المؤمنين من قذف الشيطان فانى قد دعوت الله بنسخ ذلك من قلبك فماذا تجد؟ فقلت:
يا سيدي قد محى ذلك من قلبي (4).
فصل واعلم أن في قوله: فإذا لم يسئل المخلوقين فقد أقر بالعبودية لله دليل على ضعف ايمان السائل، وقوة ايمان الراجي لأنه لما نفى أن يكون هناك معط غير
Page 88