تولى القضاء ثم الفتيا بعد وفاة ابن هارون، وكان قوالًا للحق غير هياب لا تأخذه في الله لومة لائم (١).
وسبب وفاته أنه لما حاصر أبو عبد الله محمد الشيخ السعدي فاسًا، ولم يستطع فتحها، أشير عليه بأن يحصل على مبايعة ابن الونشريسي فأرسل إليه سرًّا ووعده ومنَّاه، فأبي الونشريسي، فأرسل إليه جمعًا من المتلصصة لإِحضاره مرغمًا، وبعد أن أنهى درسه لصحيح البخاري في جامع القرويين باغتته تلك الجماعة، فأبى أن يطاوعهم فقتلوه في أحد الأبواب بجامع القرويين (٢). وقيل إن ابنه، قبل الدرس قال له: إني سمعت أن جماعة من اللصوص يتربصون بك الليلة فلا تذهب إلى الدرس، فقال له الشيخ عبد الواحد: أين وقفنا البارحة؟ قال على كتاب القدر. قال: فكيف نفر من القدر؟ إذهب بنا إلى المجلس (٣).
عودة إلى الكلام عن أبي العباس:
نرجع الآن إلى الكلام عن حياة أبي العباس أحمد الونشريسي بعد أن كدنا نبتعد عنه.
ولا تحدثنا المصادر التي اطلعنا عليها عن شيء من طفولته ولا عن أوائل دراسته، بل ينتقلون من اسمه مباشرة إلى كبار مشائخه، ثم إلى الحديث عن الكائنة التي حدثت له من جهة السلطان وإلى فراره إلى فاس.
صفاته الخُلُقية والجسمية:
لذلك لا نكاد نجد من تعرض لصفات الونشريسي الجسمية إذا استثنينا ما أشار إليه صاحب الدوحة أثناء وصفه لطريقة تأليف الونشريسي لكتبه من أنه كان أصلع الرأس إذ كان يكشفه (٤).
_________
(١) ابن عسكر: دوحة الناشر ٥٢، ٥٣.
(٢) محمد بن عسكر: دوحة الناشر ٥٤، ٥٣.
(٣) عبد الرحمن الجيلاني: الشهيد عبد الواحد الونشريسي مجلة الأصالة عدد ٨٣، ٨٤، ملحق خاص ص ٤٢، ٤٣.
(٤) دوحة الناشر ٤٧، ٤٨.
1 / 26