الكتب التي ترجمت له، ولكنها أجمعت على أنه حصلت له كائنة مع السلطان الذي سلط عليه بعض الهمج، فانتهبت داره، وفر هاربًا إلى فاس (١)، ولا يزيدون على ذلك. وقد عبر صاحب الأعلام عنها بقوله: "ونقمت عليه حكومتها (تلمسان) أمرًا فانتهبت داره وفر إلى فاس سنة ٨٧٤ هـ" (٢).
أما الدكتور حجي فيقول: ولما بلغ أحمد الونشريسي أشده وبلغ، أربعين سنة، وهو يومئذٍ قوال للحق، لا تأخذه في الله لومة لائم، غضب عليه السلطان أبو ثابت الزياني وأمر بنهب داره فخرج إلى فاس (٣). وقال صاحب السلوة: وكان شديد الشكيمة في دين الله لا تأخذه في الله لومة لائم، ولذلك لم يكن له مع أمراء وقته كبير اتصال، ونزل ﵁ فاسًا انتقالًا إليها من تلمسان لما حصل له فيها من جهة السلطان، وانتهبت داره سنة ٨٧٤ هـ (٤).
وقد حاولت الدكتورة وداد القاضي أن تفسرها، فقالت: "ولعل لها علاقة بالوضع المحتل لسلطة بني زيان بتلمسان زمن سلطانها المتوكل أبي عبد الله محمد (الرابع) بن محمد الثابتي" (٥).
أما الأستاذ أحمد طاهر الخطابي فقد فسرها باحتمالين، أحدهما: أن يكون الونشريسي غضب واستنكر على سلطان تلمسان استسلامه للأحداث ومواقفه المزرية تجاه العدو الصليبي الذي يأخذ المدن الإِسلامية واحدة بعد أخرى، والسلطان لا يهمه إلا كيف ينفصل عن الحفصيين، وكيف يواجههم، فربما جهر بذلك، فكانت الحادثة سبب ذلك، أو أن الونشريسي كان متهما بمشايعة الحفصيين
_________
(١) جذوة الاقتباس لأحمد بن القاضي، الرباط ١٩٧٣ و١٥٧؛ تاريخ الجزائر العام ٣/ ٧٦؛ البستان لابن مربم ص ٥٣؛ عادل نويهض: معجم أعلام الجزائر ص ٤٩؛ أحمد بابًا السوداني: كفاية المحتاج مخط بالمكتبة الوطنية بتونس رقم ١٤٥٩٧ ورقة ٢١ (ظ) ٢٢ (و)؛ ونيل الابتهاج ص ٨٧؛ ص ٨٧؛ L. Amar / La P. de Touche VI.
(٢) انظر خير الدين الزركلي: الأعلام جـ ١/ ٢٦٩ دار العلم للملايين ط. الخامسة ١٩٨٠ م.
(٣) انظر مقدمة المعيار جـ ١ / ج، نشر وزارة الأوقاف والشؤون الإِسلامية بالمغرب ١٩٨١ م.
(٤) سلوة الأنفاس لمحمد بن جعفر الكتاني ط. فاس الحجرية ٢/ ١٥٤.
(٥) انظر مقال: المدرسة في المغرب حتى أواخر الفرن التاسع الهجري في ضوء كتاب المعيار للونشريسي. مجلة الفكر التربوي الإسلامي (الكتاب الثاني) بيروت ١٩٨١ م ص ١٢٠.
1 / 16