عنها إلى الأندلس، ثم حاول الاستيلاء مرة أخرى على تلمسان، فلم يستطع ذلك، ثم كانت وفاته سنة ٨٦٧ هـ (١).
ولما رأى الحفصيون الخلاف والشقاق بين بني زيان، تحرك السلطان أبو عمرو عثمان الحفصي، فاحتل المدن الجزائرية، فاستقبل من قبل أهلها بالترحاب، فلجأ أبو ثابت إلى الاستشفاع بالعلماء لدى سلطان الحفصيين، فقبل منهم، ورجع إلى تونس (٢).
ولم يمض كثير وقت على ذلك حتى عاود أبو ثابت رفض الدعوة الحفصية مرة أخرى سنة ٨٦٨ هـ. فعاد الحفصيون إلى مداهمته، واضطر على أثر ذلك إلى بيعتهم كتابة هذه المرة مصحوبة بإِهداء ابنته لأبي زكرياء يحيى بن المولى المسعود، فقفل السلطان الحفصي راجعًا إلى تونس وبقي أبو ثابت على عرشه إلى وفاته سنة ٨٩٠ هـ (٣).
وأثناء ذلك نجد الإِسبان والبرتغاليين يخططون لاحتلال مدن السواحل المغربية ليعرقلوا النجدة من قبل سكانها لإِخوانهم في الأندلس التي تلفظ أنفاسها الأخيرة. فاحتل الاسبان مدينة بونة (عنابة)، واستعد البرتغال للانقضاض على وهران. كل ذلك والحكام لاهيتهم أنفسهم وأموالهم، لا يعيرون ما حولهم اهتمامًا.
وفعلًا سقطت وهران في السنة التي توفي فيها الونشريسي (٤).
في هذا الجو السياسي الهائج، وهذه الحروب والفتن والقتل الذي يقع بين الأقارب تارة وبين الجيران تارة أخرى؛ ولد صاحبنا وترعرع.
رحلته إلى فاس وسببها:
وفي أول محرم ٨٧٤ هـ. (٥) رحل إلى فاس ولرحلته هذه قصة لم تفسرها لنا
_________
(١) نفس المصدر: ٢/ ١٩٨.
(٢) المصدر السابق: ٢/ ١٩٨ - ١٩٩.
(٣) المصدر السابق: ٢/ ٢٠٠.
(٤) المصدر السابق: ٣/ ٧٨.
(٥) أجمع الذين تحدثوا عن ذهاب الونشريسي إلى فاس على هذا التاريخ، وقد تحدث هو نفسه عن ذلك تضمينًا أثناء كلامه عن فتواه في تضمين الرعاة، إذ قال (وسئلت في عام أربعة وسبعين وثمانمائة إثر ورودي فاس. . إلخ) انظر المعيار ٨/ ٣٤١.
1 / 15