بصفاته، لكنه التصاق تخصيص، كأنه خصّ الرب سبحانه بالاستعاذة (١).
"من الخبث": من الشّيطان، و"من" للتبعيض، والتقدير: "من كيدهم وشرهم"، أو للابتداء إذا فسر هذا بذكُور الجن وإناثهم. (٢)
قال ابن الأثير: "الخبث والخبائث" بسكون "باء" "الخُبْثِ": "خلافُ طيب الفعل من فجور وغيره"، وبضمها جمع "خبيثة"، والمراد بها: "شياطين الإنس والجن، ذكرانهم وإناثهم" (٣).
قال الخطَّابي: عامة أصحاب الحديث يقولون: "الخُبْثِ" ساكنة "الباء"، وهو خطأ. والصواب: ضمها (٤).
قلتُ: إلا أن يكون التسكين من باب تخفيف المتحرّك الوسط، وهو قياس كـ"عضد" و"كتف"، فلا يكون خطأ (٥)، أو ثبتت الرواية بإحْدَى اللغتين، والمُحدّثون بمُراعاتها أقْعَد من غيرهم.
الحديث الثّاني
[١٢]: عَنْ أَبِى أَيوبَ الأَنْصَارِيِّ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهَ ﷺ: "إذَا أَتيتُمْ الجلاءَ، فَلا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ وَلا بَوْلٍ، وَلا تَسْتَدْبِرُوهَا، وَلكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا".
قَالَ أبُو أَيُّوبَ: "فَقَدِمْنَا الشَّامَ، فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ قَدْ بُنِيَتْ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، فننْحَرِفُ عَنْهَا، وَنَسْتَغْفِرُ اللهَ ﷿" (٦).
(١) انظر: شرح القسطلاني (٩/ ٢٠٩).
(٢) انظر: إرشاد الساري (٩/ ١٨٨).
(٣) انظر: النهاية لابن الأثير (٢/ ٦).
(٤) انظر: معالم السنن (١/ ١٠، ١١).
(٥) انظر: شرح صحيح مسلم (٤/ ٧١)، وشرح المفصل (٣/ ٢٥٩).
(٦) رواه البخاري (٣٩٤) في الصلاة، ومسلم (٢٦٤) في الطهارة.