Copernicus Darwin Freud
كوبرنيكوس وداروين وفرويد: ثورات في تاريخ وفلسفة العلم
Genres
نحن العقبات الحقيقية في طريق الطبيعة. (لامتري، «الإنسان آلة» (1747)، 79؛ ترجمة المؤلف)
لاحظنا أن الداروينيين يعملون في فضاء مفاهيمي تتنافس فيه وجهات النظر المختلفة الخاصة بالحياة العضوية على خلفية اكتشافات تجريبية وفرضيات فلسفية. كما رأينا أيضا أن الثورة الداروينية لها تبعات كبيرة على مكانة البشر في الطبيعة العضوية؛ فقدان التصميم الرشيد. تنبع المعارضة الشائعة للداروينية جزئيا من الرابط السطحي بين نظرية التحدر ونظرية القرد. كان يدعى أن المادية ستؤدي إلى اللاأخلاقية. أما المعارضة الدينية للداروينية فكانت أكثر اهتماما بمنطق الحجة الداروينية؛ فعلى سبيل المثال، شكك سانت جورج ميفارت ووالاس في كون آلية الانتقاء الطبيعي كافية لشرح تعقيد البشر. ربما كانت معتقداتهما الدينية هي الدافع وراء شكوكهما، غير أنه كان يتعين أن تتحول الدوافع إلى حجج مضادة من أجل النقاش العلمي. فلا يكاد يوجد هجوم أكثر فعالية على النتيجة العلمية من التشكيك في المنهج العلمي الذي نتجت عنه. مثل الأسقف ويلبرفورس مخاوف المعسكر المناهض للداروينية عندما اتهم الداروينيين بعدم الولاء للاستقراء البيكوني (كوهين 1985ب؛ إليجارد 1958، الفصل التاسع). ويتهم أنصار التصميم الذكي في الوقت الراهن الداروينيين باستقاء استنتاجات خاطئة من التعقيد الجزيئي.
إن هدفنا هو استكشاف النتائج الفلسفية للنظريات العلمية؛ ومن ثم فإن علينا أن نتحرى مسألة المنهج. ما المناهج العلمية التي استخدمها الداروينيون؟ هل حادوا عن المسار الحقيقي للمنهج البيكوني؟ ما الاستقراء البيكوني؟ كيف يقارن الاستقراء البيكوني مع قابلية الاختبار لبوبر؟ (6-1) الاستنتاجات الداروينية
في حين أن طرح الأسئلة العامة أدى إلى إجابات محدودة، فإن طرح أسئلة محدودة تبين أنه يقدم مزيدا من الإجابات العامة. (جاكوب، «التطور والإصلاح» (1977)، 1162)
رأينا بالفعل عددا من الاستنتاجات العاملة؛ فمن خلال وجود اكتشافات حفريات الأنواع المنقرضة والعظام البشرية والأدوات القديمة، استنتج الباحثون في أربعينيات القرن التاسع عشر العصور القديمة للإنسان. قدم داروين استنتاجات مماثلة، فمن خلال التأكيد على القوة المعروفة للانتقاء الاصطناعي بين مربي الحيوانات، استنتج مبدأ الانتقاء الطبيعي؛ فكان يرى أنه يستطيع تفسير تنوع الأنواع. ويعد مبدأ الانتقاء الطبيعي مبدأ تفسيريا، كما يمكن تقسيمه إلى عدد من المبادئ الفرعية:
مبدأ الاختلاف (الطفرات العشوائية).
مبدأ الاختلاف في القدرات البدنية (التعديلات المواتية/غير المواتية).
مبدأ الصراع من أجل الوجود.
المبدأ القوي الخاص بالتوريث (كيتشر 1993، 19).
وبفضل تلك المبادئ، استطاع داروين توحيد مجالات البحث المتنوعة، التي كانت حتى هذا الوقت متفرقة. إن «التوحيد» مبدأ منهجي قوي في البحث العلمي. ولقد قابلناه بالفعل في الانتقال من مركزية الأرض إلى مركزية الشمس؛ فاختفاء الكون ذي الفلكين وفرضياته الأساسية ونظرية الحركة الأرسطية أتاح توحيد الفيزياء الأرضية والسماوية. قدمت مبادئ داروين تقنيات قوية للتفسير البيولوجي، وتسمح لنا باستنتاج تاريخ التحدر من ظواهر بيولوجية عديدة.
Unknown page